IMLebanon

الاستقالة المرفوضة  

 

لا تزال استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري وحديثه وبيانه عبر تلفزيون العربية، حديث اللبنانيين كلهم، خصوصاً أنّ الضجة الهائلة التي ترتبت عليها غير مسبوقة في تاريخ استقالة الحكومات في لبنان، ويمكن أن نعتبر أنّ هذا الأمر أفرز استفتاءً شعبياً كشف عن محبّة الناس للرئيس الحريري، وعن رفضهم الواسع، المعلن وغير المعلن، لهذه الاستقالة، وهو عدم قبول شعبي واسع جداً، فالدهشة والتساؤلات والغصة في القلب عند المواطنين بأكثريتهم الساحقة، لاستقالة رئيس حكومة يتمتّع بمحبة مطلقة على الأصعدة جميعها.

 

ولا يزال الجو مفعماً بالتساؤلات والتحليلات حول دوافع هذه الاستقالة بالرغم من أن الرئيس الحريري كان واضحاً:

1- إنّ السبب الأساسي هو ما قاله بالحرف الواحد: «لمست مخططاً لتعطيل أبراج الإتصالات» (بهدف اغتياله).

2- التدخل الإيراني في الدول العربية الذي جزم الرئيس الحريري في شأنه بأنّ إيران وأتباعها خاسرون في تدخلاتهم في شؤون الأمة العربية وستنهض أمتنا كما فعلت في السابق وستقطع الأيادي التي تمتد إليها بالسوء (…) وسيرتد الشر على أهله، مندداً بقول إيران إنها تسيطر على مصير الدول في المنطقة».

3- «حزب الله» ودوره المريب في لبنان وفي الدول العربية من سوريا الى اليمن مروراً بالعراق والكويت والبحرين الخ… وقد استطاع الحزب، من أسف، فرض أمر واقع في لبنان بقوة سلاحه الذي يزعم انه سلاح مقاومة وهو السلاح الموجّه الى صدور إخواننا السوريين واليمنيين فضلاً عن اللبنانيين.

إلى ذلك، هناك بلبلة بسبب مواقع التواصل الاجتماعي التي أثبتت فلتاناً ليس له حدود، خصوصاً أنّ أياً كان يخطر في باله أي تغريدة تصبح عند الناس وكأنها (استغفر الله) الكتاب المقدّس أو القرآن الكريم، ثم تبنى على هذه التغريدة أو تلك قصص وحكايات لها بداية وليس لها نهاية.

هناك نقطة أخرى مهمة وهي إنّ حدث الاستقالة توافق مع تطوّر خطير جداً في المملكة، هو موضوع الفساد، الذي يجري التعامل معه لأوّل مرة في المملكة على هذا القدر من الأهمية والتوسّع، علماً أنّ الأسماء ذات الصلة هي لأمراء كبار (11 من كبار الأمراء) 4 وزراء، أهم رجالات المال والأعمال في المملكة.

وكلام الملك سلمان كان بالغ الأهمية عندما تحدّث أمام الأمراء وكبار المسؤولين في الدولة عن الفساد في كلام واضح وصريح يمكن تلخيصه بثلاث نقط:

الأولى: إنّ قرار محاربة الفساد هو قرار نهائي وحاسم.

الثانية: إنّ محاربة الفساد هي واجب شرعي ديني أيضاً كون الفساد مداناً في القرآن الكريم وفي السنّة.

الثالثة: إنّ حق الدولة ثابت في أن تسترجع أموالها من الذين سطوا عليها بالفساد.

وأيضاً كلام ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي أكد على أنّ القيادة مستمرة في مشروع مكافحة الفساد، وأنّ الأموال والأصول التي حققها الفاسدون بوجه غير شرعي وغير قانوني ستعود الى الدولة.

ولقد كان ولي العهد حاسماً بقوله: سأحارب الفساد.

في أي حال أردنا من هذا السرد أن نشير الى أنّ هذه القضية المركزية المهمة في المملكة العربية السعودية توافقت، زمنياً، مع تقديم الرئيس الحريري استقالته… ما أسهم في ضبابية الوضع والكثير من الدهشة والتساؤلات وطبعاً الغصّة في القلوب التي أشرنا إليها في مطلع هذا الكلام.

عوني الكعكي