IMLebanon

الـقرار 1701 بين الجديّة والتمييع

 

دعنا مما نسمع ونقرأ وما يحللون..

القرار 1701 نكتة سمجة من قفشات الطيب الذكر جحا الأول؛ ما دام العدو الصهيوني وشريكه الأميركي يفهمانه أنه ينص على سحب سلاح المقاومين اللبنانيين، وترك اللبنانيين فريسة للموت ومقدمة للتطبيع، ونقطة على السطر.

ماذا عن إلزام العدو الصهيوني بوقف اعتداءاته وبالانسحاب من الأراضي المحتلة؟! ليس وقتها الآن… بانتظار تنازلات من لبنان، وبين شعبه من لم يهادن لا غازياً ولا متسلّطاً من قبل أن يكون «لبنان الكبير».

 

فلمن يراهنون على التحركات السياسية لوقف الاعتداءات المتواصلة على لبنان وشعبه واللاجئين إليه هرباً من المذابح الصهيونية، تذكير بأن العدو الصهيوني لم يلتزم منذ قيام كيانه – بقرار مشروط من الأمم المتحدة باحترام قراراتها والالتزام بها، لم ينفذ أي منها وبينها حق العودة واحترام حقوق الفلسطينيين وقيام دولتين في فلسطين، بدءاً من اتفاقية الهدنة 1949 مروراً بـ 425 و426 وصولًا إلى 1701.

على مدى العصور وامتداد الجغرافيا، لم يحدث أن استسلم شعب أو مجموعة أو شخص، أو سلّم سلاحه أو تخلّى عنه؛ مطمئناً إلى ضمانات عدوه.. المقاومة الإسلامية تعي ذلك وتعمل به مهما يكن.

*****

من المسلّمات أن قيام الكيان الصهيوني فوق أراضٍ عربية منذ 1948 – بينها لبنانية احتلها منذ 1923 بتنازل من الانتداب الفرنسي بضغط بريطاني – هو عدوان مستمر وسط استسلام رسمي لبناني يتراوح بين السكوت والتفهّم والتبرير والاستنجاد، حتى وصل الأمر بوزير خارجية القوات اللبنانية – عفواً الخارجية اللبنانية – جو رجّي إلى تأييد الافتراءات الصهيونية: «علينا أن نتذكّر دائما من كان السبب وراء الدمار الهائل والخسائر البشرية، ومن تسبب بدخول الجيش الإسرائيلي إلى القرى والبلدات الجنوبية، واستمراره في النقاط الخمس». محمّلاً «المقاومة» مسؤولية ما حصل… «لكننا نسأل من تسبّب بكل هذه الخسائر، ومن ادّعى مساندة غزة ومن أعلن مرارا وتكرارا أنه سيحرّر القدس؟».

واعتبر أن «الشرط الأساسي لوقف إطلاق النار كان الالتزام بتنفيذ القرار الدولي 1701 بكامل مندرجاته، وإحدى هذه المندرجات هي القرارات الدولية ذات الصلة التي هي 1559 و1680 والتي تتحدث عن حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، وهذا لم يطبق بعد». ويبدو أنه غفل عن ما هو ملزماً للعدو الصهيوني.

 

واستعطف وزير الدفاع الوطني اللواء ميشال منسى أمام زواره، متذمّراً من تمادي الجيش الصهيوني في انتهاكاته الصارخة والمتكررة للقرار 1701 ولترتيبات وقف إطلاق النار، داعياً الدول الراعية لاتفاق وقف النار الى ردع الجيش الصهيوني عن انتهاكاته واعتداءاته على السيادة اللبنانية.

وقبل أن نستطرد نناشد اللبنانيين عامة والمسيحيين خاصة التمسّك والعمل بما جاء في إنجيل لوقا 22، 36: «من لا سيف عنده؛ فليبع رداءه ويشتري سيفاً».

وتفشّي خيانات حزبية من فئات متصهينة ذهبت في توهماتها إلى أبعد مما تعمل له الإدارة الأميركية والصهاينة، مطالبة (تلك الفئات) بتحديد مهلة زمنية لانتزاع سلاح المقاومين وترك أكبر المكونات الديموغرافية اللبنانية عرضة لمجازر وتهجير وهدم وتدمير ممتلكاتها وبيوتها، وتخلّف وضعف.

وغض نظر في المحيطين العربي والإسلامي، مع مكرمة سعودية تمثلت بإرسال السعودية طائرة خاصة لنقل رئيس الوزراء نواف سلام وبعض حاشيته إلى المملكة لتأدية صلاة العيد في الظاهر، وتبنّيه بمواجهة سعد الحريري وتيار المستقبل وتثبيته (نواف سلام) بمواجهة شريكه الرئيس جوزاف عون.

وتجاهل من المجتمع الدولي اكتفى بالاستنكار، مما شجّع على تمادي العدو الصهيوني في اعتداءاته ووصل إلى ذروته في اجتياح 1982 وتداعياته ما زالت تتفاعل حتى اليوم، فتسعّرت عمليات المقاومة بكل تسمياتها وهوياتها العقائدية.

كرة النار تكبر. اكتفت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس بلاسخارت بتفسير الماء بعد الجهد بالماء: غارة جديدة استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت صباح الثلاثاء 1/4/ 2025، في ضوء الخطوات الإيجابية التي تتخذها الحكومة اللبنانية، إلى جانب العودة التدريجية للنازحين إلى شمال إسرائيل، فإن المزيد من التصعيد هو آخر ما يحتاجه أي طرف. يبقى القرا 1701 المسار الوحيد القابل للتطبيق للمضي قدماً.

ورأى المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية: «إن إسرائيل تدافع عن نفسها ضد هجمات صاروخية انطلقت من لبنان، وإن واشنطن تحمل الإرهابيين مسؤولية استئناف الأعمال القتالية، التي استؤنفت بعدما أطلق الارهابيون صواريخ على إسرائيل من لبنان»، مضيفا أن واشنطن تدعم رد «إسرائيل».

والفرنسي يتمنّى تخفيف الضغط على لبنان. في 2/4/ 2025 أجرى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون اتصالًا مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، محاولة لخفض التصعيد «الإسرائيلي» ضد لبنان، لا لوقف الاعتداءات.

والتقى وزير الدفاع اللبناني اللواء ميشال منسى السفير الفرنسي في لبنان هيرفيه ماغرو، الذي نقل إليه رسالة من وزير الجيوش الفرنسي، تتضمن تهنئة بتوليه مهامه في الوزارة، «مع التأكيد على الدعم المستمر الذي تقدمه فرنسا بشكل عام ووزارة الجيوش الفرنسية بشكل خاص، للشعب اللبناني والقوى المسلحة اللبنانية، باعتبارها الضامن الوحيد لاستقرار لبنان وأمنه، مع التأكيد على أهمية أولوية لبنان الحالية في تنفيذ وقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1701». عن أي أمن وأي استقرار يتحدثون؟!

*****

ينتظرون تنازلات ونعمل لقيام دولة رعاية قوية عادلة بإدارة وحكم نزيه كفؤ، تضع استراتيجية دفاعية تحفظ لبنان الحر السيد المستقل وتحمي مواطنه وتصون كرامته، تنبثق عن مؤتمر وطني شامل يجمع أصحاب الكفاءات الوطنية والهوية والانتماء والولاء للبنان ولشعبه، في أولوياته: وضع قانون جديد للانتخابات والعمل على الإنماء المتوازن وإلغاء الطائفية السياسية، ويحدد العدو والحليف وكيفية التعاطي معهم… عن الشقيق كلام في مجال آخر.

دولة في أولوياتها تحرير كل شبر محتل ووقف كل الاعتداءات على لبنان وشعبه وتحفظ كرامته. وفيها الإعمار والتعويضات والإصلاحات واستخراج الغاز من مياهنا (رشوة أميركية بوعود فرنسية) لوقف استراتيجية الاستدانة وتسوّل المساعدات المشروطة والمذلّة.

ما نُعول عليه: «الحق بغير القوة حق ضائع»؛ من هنا فلنبدأ… وبذلك نصل.

مؤرّخ وكاتب سياسي