IMLebanon

العودة إلى الطفيل.. هل تكون نهائية وآمنة؟

يتحسّر إمام بلدة الطفيل الشيخ أحمد الآغا على عدم قدرته على زيارة بلدته التي تركها منذ أربع سنوات ولم يتمكن حتى الساعة من العودة إليها. الآغا الذي يخطب الجمعة اليوم في أحد مساجد بلدة سعدنايل جعل من شقته المستأجرة في البلدة ملتقى لأهل بلدته. ففرش الصالون المودرن بمجلس عرب كما يقول «متل الضيعة فوق»، يجلس في وسطه ويضرب كفاً على كف ويتمتم بصوت متوسط ما بين الحزن والإستنفار، «الطفيل مش قرية لبنانية؟، شو المشكلة أنو الناس ما تطلع عليها تروح وتجي بكل سهولة ويكون لها اتصال مع جيرانها القرى البقاعية». ويسأل «هل من المعقول اليوم أن العيال زارت البلدة منذ فترة واستغرقت الرحلة ست ساعات من المصنع إلى دمشق تل المنين، صيدنايا، عسال الورد وبعدها الطفيل الضيعة. وبالأصل الأمر لا يحتاج إلى ساعة من الداخل اللبناني؟. لذلك أتوجه اليوم إلى الدولة اللبنانية أن تنهي هذا الملف التاريخي وتشق طريقاً وتعبده ويواكب الجيش اللبناني وأجهزة الدولة الرسمية العودة النهائية وتنتهي فصول المآسي التي كنا نعيشها».

ويتابع الشيخ في مجلسه وبوتيرة هادئة، «وجود الجيش حاجة ضرورية وملحة، فنحن لا نريد صورة طائرة الهليكوبتر العسكرية التي كانت تحط على بيادر الضيعة لتنقل صناديق الإقتراع في الإنتخابات النيابية صباحاً وتعود ليلاً لنقل الصناديق ورئيس القلم، نطالب بوحدات دائمة تحمي أهلنا وتحافظ على الأرض والناس والأرزاق». ويسترسل الشيخ الآغا بالحديث أمام مجموعة من أبنائه بالتمني أن يقيم الأمن العام اللبناني معبراً على آخر البلدة يكون منفذاً حدودياً رسمياً لأهالي تلك المنطقة من الجهتين وتحل المشكلة جذرياً بالتنقل ويختم بالقول، «ويعود أهالي الطفيل الألفان والخمسمئة الموزعون في الداخل اللبناني إلى بيوتهم ومزارعهم».

إزاء هذا الواقع المستمر منذ بداية الأزمة السورية، وبعد الإستقرار الأمني الذي حصل على الحدود تحرك وزير الداخلية نهاد المشنوق لحل هذا الملف الذي وضع على نار حامية ولكن ضمن أطر معينة، فيشير مستشاره الدكتور خليل جباره الذي يتابع الملف، إلى أن الوزير المشنوق وبتوجيهات من رئيس الحكومة سعد الحريري يعمل بقوة على تسهيل العودة، وهو يتابع على محورين أساسيين: الملف العسكري والأمني بالتنسيق مع قيادة الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية، والملف الإداري مع الوزارات المختصة التي يقع على عاتقها شق الطريق وتعبيده.

هذا التحرك بدأت طلائعه تظهر على الأرض، فثبّت الجيش اللبناني بعض المراكز على مشارف البلدة والتي كان «حزب الله» انسحب منها من جهة الداخل اللبناني فثبت فوج الحدود البرية الرابع مراكز له في رأس الحرف وفي محيط البلدة من الجهة الغربية وزار قائد الجيش العماد جوزف عون منذ مدة تلك المواقع في دلالة عسكرية لحماية الحدود وتحديداً الطفيل ومحيطها، وذلك لأن التجربة البديلة عن الدولة لتثبيت الأمن والإستقرار لم تكن إلا عاملاً صعّب المشكلة وأخّر العودة رغم المحاولات الإعلامية التجميلية التي حاول البعض أن يستثمر فيها وأن يكون هو باب للعودة دون الدولة وهذا جزء من المشكلة اليوم. يتخوف أحد أبناء البلدة الذي رفض أن يذكر اسمه أن يكون هو السبب الأساسي لعقدة التأخير التي تضاف إلى العوامل التقنية المعروفة تاريخياً.

فالطفيل التي يعرفها كل الشعب اللبناني من خلال الجزيرة الجغرافية التي تظهر على الخارطة اللبنانية بعمق 15 كيلومتراً من أعالي السلسلة الشرقية لجبال لبنان داخل الأراضي السورية لم يتذوق أبناؤها اللبنانيون طعم الإهتمام من دولتهم منذ الإستقلال، ولكن يجمعون اليوم على حل نهائي وجذري لها، ويعبّر مختار البلدة علي الشوم الذي يعيش مؤقتاً في بيروت عن ذلك متمنّياً أن يغلق هذا الملف نهائياً وأن تتعاضد كل أجهزة الدولة الرسمية من أجل ذلك فيعود المزارع إلى حقله، ويعيش حياة طبيعية كأي مواطن لبناني عادي، «فلا بديل لنا عن الدولة وجيشها». ويرجو أن يوسّع الجيش من انتشاره الذي بدأه ويتمركز على تماس الحدود اللبنانية ـ السورية عند آخر البلدة من جهة الشرق وتكون الطفيل معه ومن ورائه، وهذا ما نسعى إلى تحقيقه.