IMLebanon

الرياض استنفدت كل اوراقها

في ظل التأزم الحاصل اقليمياً ولجوء السعودية الى تسخين الصراع السياسي في لبنان، بما في ذلك توسيع حملتها المشبوهة ضد حزب الله عبر استخدام اموال النفط لدفع بعض العرب لمسايرتها بتوصيف حزب الله «منظمة ارهابية» يبقى السؤال الى اين ستذهب الامور في لبنان؟

من الواضح بداية ان الحملة السعودية ضد لبنان، قد تكون استنفدت الكثير من الاوراق التي اندفعت الرياض لاستخدامها ليس في وجه حزب الله، بل ضد كل اللبنانيين، ولهذا تلاحظ مصادرسياسية بارزة في قوى 8 آذار ان هذه الحملة بدأت بالتراجع في بعض المفاصل التي لجأ آل سعود لاستخدامها بحق لبنا، الا ان هذه الحملة لا يبدو انها ستتوقف قريباً، رغم ما قاله وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بعد لقائه الوزير محمد المشنوق اول امس في جاكرتا وان كانت المصادر ترى ان اجتماع وزراء الخارجية العرب يوم غد في القاهرة سيكون مؤشراً لمدى «الجنون» السعودي، وما اذا كان حكام السعودية بدأوا بمراجعة حساباتهم ام انهم سيستمرون بطمر رؤوسهم في الرمال.

لذلك، فالسؤال الاول، ما هي الخلفيات والاسباب التي دفعت الرياض لتخفيف الحملة على لبنان، دون ان يعني ذلك تراجعها عن حملتها ضد حزب الله، وتقول المصادر ان هناك اكثر من سبب كان وراء تخفيف هذه الحملة:

1- على المستوى الداخلي اللبناني، حيث اكدت السعودية ان حليفها تيار المستقبل استنفد كل الاوراق التي يمكن له ان يستخدمها للتأثير على حزب الله وتفنيده الواضح للسياسات الخاطئة والمتهورة التي تعتمدها الرياض، وتوضح المصادر ان المستقبل لم يتبق امامه سوى اللجوء الى الشارع بما في ذلك التحريض المذهبي والطائفي، الا ان المستقبل ومن ورائه آل سعود يدركون ان هذا الخيار ساقط سلفاً. بعد ان جرى اللجوء اليه في مراحل سابقة، ولم يؤد الى اي نتيجة كما ان اللجوء الى الاستقالة من الحكومة او مقاطعة الحوار هي خطوات سترتد سلباً عليه قبل اي طرف لبناني آخر، وعلى هذا الاساس تأكد للرياض ان ما تريده من حليفها اللبناني الاول هو اكبر من قدرة المستقبل او رئيسه على تنفيذه، ولذلك كان القرار لدى المستقبل بتخفيف ردات الفعل السلبية التي لجأ اليها الحريري بعد الاعلان عن وقف السعودية للهبة التي كانت قدمتها سابقاً لتسليح الجيش.

2- ان الرياض وحلفائها يدركون ان موازين القوى الداخلية ليست لا مصلحتها او مصلحة حلفائها بل انها تميل بشكل كبير لصالح حزب الله وحلفائه، ولذلك جرى غض النظر عن محاولات اللعب بالامن والاستقرار الداخلي وصولا لمحاولة دفع البلاد نحو الفتنة بل ان الحريري استظل بمظلة الرئيس بري لتخفيف الضغوط عنه مع العلم ان حزب الله كان اكد اكثر من مرة عبر السيد حسن نصرالله انه لن ينجر الى اي فتنة داخلية.

3- ان السعودي سمع كلاماً واضحاً من الاميركي والاوروبي بانه من غير المقبول ضرب والاستقرار في لبنان وهذا الكلام اكده الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند لولي العهد السعودي محمد بن نايف قبل ايام خلال زيارة الاخير للعاصمة الفرنسية.

ولهذا، يبدو ان لا افق للتصعيد السعودي ضد لبنان خصوصاً ان لا ادوات فعالة لديها تمكنها من ضرب الاستقرار في لبنان، بالتوازي مع اعتراض الغرب على هكذا سياسة.

الا ان المصادر لا تستبعد ان تلجأ السعودية الى محاولة استخدام بعض الجهات المتطرفة او الاصولية او من بعض الرؤوس الحامية للقيام بتحركات مشبوهة في بعض المناطق خاصة في شمال لبنان بهدف توجيه رسائل للداخل اللبناني والغرب بأن لديها الاوراق التي تمكّنها من هز الاستقرار في لبنان، وبالتالي على القوى المؤثرة بالوضع اللبناني ان تأخذ بالاعتبار موقع السعودية في اي تسويات قد تذهب اليها الساحة اللبنانية.

لذلك، يبقى السؤال الاخر: ما هو مصير الاستحقاقات اللبنانية وبالاخص الاستحقاق الرئاسي؟

وفي تقدير المصادر المذكورة انه بعد لجوء السعودية ومعها مجلس التعاون الخليجي الى فتح الحرب سياسياً ضد حزب الله فالملف الرئاسي اصبح اكثر تعقيدا مما كانت عليه الامور قبل هذه الحرب، بل ان الاستحقاق الرئاسي عاد الى «الثلاجة» مجددا، طالما ان الهوة قائمة ما بين السعودية وايران.

لذلك ترى المصادر ان المسار الرئاسي بات امام خيارين:

الاول ان يستمر الفراغ طويلاً بانتظار ما ستؤول اليه العلاقات السعودية – الايرانية بعد الدخول التركي على خط ترطيب العلاقة بين البلدين، والثاني ان تذهب الامور نحو اجراءالانتخابات النيابية قبل الرئاسية – الارجح وفق القانون المعمول به حاليا، اي قانون الستين – ليصار بعده الى اعادة تكوين المؤسسات.

وبانتظار ذلك، فالمرجح ان يستمر «الستاتيكو» الحالي مع هبات باردة احياناً وحارة احياناً اخرى.