IMLebanon

روحاني.. يجترّ الإمبراطوريّة  

 

الرّكود في الوضع اللبناني يجعل كثيرين يستجدون جملة تقال في بلاد العالم لتبدأ «معازفهم» في «النّعي» و»اللّعي»، التسويق الإنتخابي يصنع المعجزات، ما الجديد الذي قاله الرئيس الإيراني حسن روحاني في خطابه المتلفز، فليقولوا لنا.. ألم يقل هذا الكلام في مديح إيران مئات المرات في طهران خلال السنوات، بل قيل أخطر منه، ما الجديد في التباهي الإيراني الرّوحاني بأنّ «مكانة الأمة الايرانية في المنطقة اليوم اكبر من اي وقت مضى… أين من الممكن، في العراق وسوريا ولبنان وشمال افريقيا والخليج الفارسي، اتخاذ قرار حاسم من دون اخذ الموقف الايراني في الاعتبار؟»، ما الجديد؟!

 

سبق وصرّح «علي يونسي» مستشار الرئيس الإيراني حسن روحاني بكلام أخطر بكثير من الذي قاله روحاني بالأمس، ألم يتباهى يونسي قبل روحاني بأنّ «إيران اليوم التاريخ وعاصمتها بغداد حالياً، وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا اليوم كما في الماضي»، ألم يتباهَ المسؤولون الإيرانيون بخضوع عواصم أربع بينها بيروت لسلطان إيران، ألم يتشدّق المسؤولون الإيرانيون بأنّه بات لإيران حدود على البحر الأبيض المتوسّط، ما الجديد في ادّعاء إيران سيطرتها على دول في المنطقة، بل أكثر من ذلك أين تتجلّى السيطرة الإيرانيّة في العواصم الاربع ودولها إلا في التعطيل، كلام حسن روحاني «معلّب» وهو للاستهلاك المحلّي الإيراني، بالعاميّة اللبنانيّة لا يتجاوز كلام روحاني كونه «جعدنة»، خصوصاً وأنّ إيران تعود إلى نقطة الصفر في مواجهة أميركا التي تستعد لقصقصة أظفار وأجنحة حزب الله في المنطقة لا في لبنان فقط!

وهنا لا بدّ أن نردّ القارئ إلى ما وثّقه الدكتور علي شريعتي عن الحركة الصفويّة متطرقاً إلى استنادها إلى مبدأ «الشعوبية»: «وبغية ترسيخ أفكارها وأهدافها في ضمائر الناس وعجنها مع عقائدهم وإيمانهم عمدت الصفويّة إلى إضفاء طابع ديني على عناصر حركتها وجرّها إلى داخل بيت النبي إمعاناً في التضليل ليتمخض عن ذلك المسعى حركة شعوبية شيعيّة، مستغلة التشيّع لكي تضفي على الشعوبية طابعاً روحياً ساخناً ومسحة قداسة دينية، ولم يكن ذلك الهدف الذكي متيسراً إلا عبر تحويل الدين الإسلامي وشخصية محمّد وعليّ إلى مذهب عنصري وشخصيّات فاشية، تؤمن بأفضليّة التراب والدّم الإيرانيّ والفارسيّ منه على وجه الخصوص».

ولّى زمن الإمبراطوريات، وإمبراطوريّة كسرى بشّر النبي صلوات الله عليه بتمزّق ملكها وبـ»هلاك» كسرى، وفي الحديث الشريف: «هلك كسرى ولا كسرى بعده»، وكلام الرئيس الإيراني وغيره من المسؤولين الإيرانيّين مجرّد أمنيات شيطانيّة خبيثة لا بُدّ أن تسقط في المنطقة كما سقطت قبلها كلّ المخططات الفارسيّة وتحوّلت ويلات على الذين أخذوا على عاتقهم تنفيذ هذه المخططات والأجندات، لن تكون هذه المرة الأولى ولا الأخيرة في المحاولات الفارسية لاستعادة إمبراطورية «فنيّت» ولن تقوم لها قائمة..

يشبه كلام حسن روحاني أوهام زكرويه صاحب ثورة الزّنج التي أشعل الفرس نيرانها فدمّرت البصرة زمن الخلافة العباسيّة، عندما أوهم العامة الذين يتبعونه بأنّ علم التنجيم قد كشف له نصر عظيم يلقاه في «الموصل» ومدينة «الرحبة»: «تقاربت النجوم وحان أمرٌ/ قران قد دنا منه النذيرُ/ وبغداد فليس بها اعتياص/ على أمري وليس لها نكيرُ/ أُصبِّحها فأتركها هشيماً / وأحوي ما حوَتْه بها القصور»، وأسوأ من أوهام زكرويه وحسن روحاني، هذا البازار اللبناني الإنتخابي المفتوح على مصراعيه ويبحث عن «أيّ كلام» ليتخلّله ليل نهار في مزايدةٍ كراكوزيّة تعبّىء الوقت اللبناني الضائع في انتظار مصير المنطقة!