IMLebanon

روسيا حاولت درء مخاطر إعلان فشل تحرّكها مع السوريين

 

رعت روسيا على مدى اليومين الماضيين اجتماعَين، الأوّل للمعارضة السورية، والثاني للمعارضة مع النظام. لكنها عادت لتخفّف من دورها في المسألة، بسبب تعثر الاجتماعَين.

حتى قبيل أيام معدودة على بدء الاجتماع أو المؤتمر بين المعارضة والنظام، كانت هناك مؤشرات ان لا آمال كبيرة معقودة عليه ولا توقعات بحصول اختراق جوهري لحل الأزمة، وفقاً لمصادر ديبلوماسية مطلعة.

إنّما روسيا تقوم بتحرّكها هذا لجمع الطرفَين، انسجاماً مع سياستها، أن لا حل في سوريا إلاّ الحل السياسي. وأنّ جمع الطرفَين مهما كانت النتائج يُعدّ خطوة متقدّمة، وإن لم تثمر أي شيء. وذلك نظراً إلى سوء الوضع السوري أساساً، وإلى عدم الرضا باستمراره على هذا الحال مدة أطول. وعدم جمع الطرفَين هو المسألة الصعبة.

هناك أشخاص تابعون للنظام، قالوا إنّ عدم نجاح المؤتمر سينعكس سلباً على الوضع السوري، وهم كانوا متردّدين ومشكّكين في النتائج وتأثيرها. إنّما بحسب المصادر، فإنّ الروس يعتقدون أنّ سوء الوضع لن يسجّل أكثر ممّا هو حالياً، وأنّ هذا الكلام يشكّل سبباً غير مقنع للروس. بل على العكس، فإنّ الاجتماع من شأنه حلحلة بعض الأمور، كما أنّه قد يكون أساساً لجمع السوريين الذين قد يكون ما ينتج هو الاتفاق على إعادة التواصل مجدّداً، حتى ولو اجتمعوا في عواصم أخرى غير موسكو.

روسيا، وعلى الرغم من قلقها وحذرها، إلاّ أنّها لم تُسقط من حسابها حصول تغيير في بعض مواقف الأفرقاء. مع الإشارة إلى أنّه كان حُسم في الأيام الأخيرة أنّ وفد النظام لن يكون برئاسة وزير الخارجية وليد المعلم، بل برئاسة المندوب لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري. وروسيا ترحّب دائماً أن يقرِّر السوريون عقد اجتماعات أخرى وأن يمدّدوا العمل بهذا المؤتمر للتوصّل إلى نقاط مشتركة.

ثمّ انّ روسيا تؤكد أنّ أي تفاوض أو مباحثات بين السوريين يجب أن تتم على أساس وثيقة جنيف. مع الإشارة إلى أنّ التفسير الروسي للوثيقة يختلف عن التفسير الأميركي وتفسير المعارضة، ويدعو إلى التفاوض بين السوريين للوصول إلى حل. في حين أنّ التفسير الغربي يقول بالتفاوض من دون وجود الرئيس بشار الأسد في المعادلة.

واجتماع موسكو ليس بديلاً لجنيف، بل هو مكمل له أو ممهِّد لاستئنافه، سواء انعقدت الاجتماعات اللاحقة في موسكو أو في أية عاصمة أخرى. وكلما طالت الأزمة السورية كلما ازداد التفاوض صعوبة. فهناك واقع جديد هو انّ كل المعارضة التي حضرت لا تمثِّل على الأرض، والتمثيل الفعلي هو لـ»داعش» و»النصرة». وبالتالي، إنّ أطراف المعارضة، حتى لو تعهّدت، فكيف يمكنها تنفيذ تعهّداتها؟ والردّ الروسي على ذلك، هو أنّه إذا تمّ الاتفاق على الحل السياسي بين الطرفَين، فيكون هناك امكانية لإضعاف الفئات المتطرّفة، نظراً إلى وجود مصلحة مشتركة لإضعافها، وهذا ما يتم الرهان عليه. مع الإشارة إلى أنّ التطرُّف لا يُعطي المعارضة المعتدلة أي دور على الأرض.

إنّما على الرغم من الظروف والتعقيدات، فإنّ أزمة سوريا باتت تُعدّ أزمة دولية. لذا فإنّ الروس يعتبرون باب التفاوض هو الوحيد الذي يجب اعتماده سبيلاً للتوصّل إلى تسوية معيّنة. وفي كل الأحوال فإنّه لمجرّد انعقاد المؤتمر في موسكو، تكون الديبلوماسية الروسية حقّقت نجاحاً، لا سيما في أنّها كسرت الجمود الذي ساد الوضع بين السوريين منذ فشل مؤتمر «جنيف2» حتى الآن. وبالتالي، استطاعت جمع المعارضة معاً، وجمعها مع النظام في موسكو بصرف النظر عن النتائج التي تحقّقت.

وذكرت المصادر أنّ الولايات المتحدة تؤيّد روسيا في تحرّكها، وكذلك يؤيّده الموفد الدولي لحلّ الأزمة السورية ستيفان دي ميستورا. والروس يتحدّثون عن أنّ واشنطن تشجّعهم على تحرّكهم، وكانت شجّعتهم على انعقاد المؤتمر بين الطرفَين.

الائتلاف الوطني السوري الذي يمثّل السوريين بالنسبة إلى الدول لم يشارك، الأمر الذي انعكس سلباً على الاجتماعَين. حجّة الائتلاف أنّه كان على النظام أن يقوم بخطوة ما، مثلاً الإفراج عن معتقلين لديه لإظهار حسن النيّة. ثمّ انّ الروس لم يثبتوا أنّهم طرف محايد، وفق المصادر. ويفترض بالروس، حسب الائتلاف، أن يقدّموا مؤشّرات للحياد. ويُفترض أن يرأس الائتلاف المعارضة، مع الإشارة إلى أنّ خلافات المعارضة هي التي تُصعِّب عليها التفاهم على مَن يرأسها.

هناك تخوُّف غربي من أن يكون للمعارضة في الداخل الكلمة الفصل، لأنّها الأغلبية في محادثات موسكو. وذلك كله أدّى إلى ضُعف في تركيبة الاجتماع مع النظام. الروس حاولوا درء خطورة إعلان فشل الاجتماع. ولاحظت المصادر أنّه في البداية كانت موسكو قد دعت إلى مؤتمر، وأصبح اجتماعاً، وإلى القبول بالاتفاق على اجتماع ثانٍ.

وتؤكد المصادر أنّ أيّة مبادرة حول سوريا لن تلقى نجاحاً، حتى انّ المؤشّرات حول نجاح خطة دي ميستورا غير موجودة بعد.