IMLebanon

براعة اللاعب الروسي  وتعقيدات المسرح السوري

 موسكو تنشر المزيد من القوات والأسلحة في سوريا لحماية القوات والأسلحة التي تهاجم بها المواقع المعادية للنظام. وكل شيء يساعدها في مهمة معقدة عسكرياً وسياسياً: لعب أوراقها على الوجهين، وتوظيف أوراق الآخرين في لعبتها. لا بل انها تمارس ببراعة دورين على مسرحين في وقت واحد، فإذا الدب الروسي في القتال غزال في الديبلوماسية. فهي تنسّق السير في الجو مع أميركا واسرائيل والأردن وتركيا وسط صمت دمشق وطهران وحزب الله وبقية المشاركين في المعارك البرية تحت الغطاء الجوي الروسي. وخطوطها مفتوحة مع كل المعترضين على انخراطها العسكري المباشر، بحيث تأخذهم الى مؤتمر فيينا للبحث عن حلّ سياسي على ايقاع الموسيقى العسكرية الروسية.

ولا شيء يحرج الرئيس فلاديمير بوتين. ولا أحد لعب دور المحامي عن دمشق مثل وزير الخارجية سيرغي لافروف. فهو اللولب من جنيف – ١ الى فيينا – ٢ والبقية على الطريق. وهو ينتقل حالياً من شعار كل من يحمل السلاح ضد الشرعية ارهابي الى السؤال عن المعارضة المعتدلة وعنوانها.

واذا أخذنا بما تقوله مساعدة وزير الخارجية الأميركي آن باترسون، فانه يعرف المعارضة والعنوان، لأن ما بين ٨٥ و٩٠ في المئة من ضربات الطائرات الروسية أصابت المعارضة السورية المعتدلة.

لكن المسألة أبعد من ذلك، بصرف النظر عن نسبة الصحة والخطأ في المعلومات الأميركية. فلا تغيير بالمعنى الاستراتيجي في اللعبة، وإن تغيرت قواعد اللعبة وحدثت تبدلات تاكتيكية. ولا درس قدمته العملية العسكرية الروسية التي دخلت شهرها الثاني يتقدم على اعادة تأكيد الدرس الذي كان مكتوباً على الجدار من البداية: ليس للوضع في سوريا حل عسكري. لا للأزمة بين النظام والمعارضة. ولا للصراعات الاقليمية والدولية التي تأخذ شكل حرب بالوكالة أو حتى مباشرة على أرض سوريا، وتقود احيانا الى اعلان دولة خلافة داعشية. والمفارقة انه لا طرف توقف عن الرهان على الخيار العسكري، سواء وسط اوهام النصر او من اجل حل سياسي ملائم له.

ولا أحد يعرف إن كان الخيار السياسي الذي يتحدث عنه الجميع سيقود الى حل سياسي على قياس سوريا والسوريين كما تدعي الدول المنخرطة في البحث عن تسوية على قياس مصالحها. فما فعله مؤتمر فيينا هو عملياً تجاوز بيان جنيف الذي صار قراراً من مجلس الامن وبقي نظرياً مرجعية التسوية. والخلاف بين الروس والأميركان وسواهم حول طبيعة المرحلة الانتقالية دخل في متاهة جديدة باعلان دمشق وتأييد طهران انه ليس هناك شيء اسمه مرحلة انتقالية.

والشيء الملموس هو الدمار والموت وانتقال الشعب السوري الى اوروبا ودول الجوار. –