IMLebanon

سوريا الروس وافغانستان اميركا

هل تحولت سوريا الاسد الى افغانستان جديدة في ظل دخول الروس على خطها العسكري، ام  ان التطور الجديد الذي بات يميز العلاقة الروسية – السورية هو نوع متطور من الصراع الاقليمي  الذي  فرض مؤثراته السياسية والعسكرية جراء تطور الامور باتجاه الدفق العسكري الروسي الهائل على الساحة السورية، ما زال ما كان قد تردد عن ان جيش الاسد قد استعاد عافيته الى جانب الدعم الذي أمنه  حزب الله في عدد من المناطق المحيطة في العاصمة لمجرد المحافظة على اخر شكل من اشكال الهرمية العسكرية للدولة  التي لولاها لما صمد الاسد، بحسب اخر استطلاع كشف عنه المراقبون لجهة فشل الحزب في ضرب معاقل النصرة وداعش في محيط دمشق، وتحديدا في الزبداني والغوطة الغربية!

لقد تردد في الاعلام  العسكري لحزب الله انه لولا المجاهدين لما كان الاسد قد صمد  في عمق العاصمة، فيما دلت الوقائع على ان الحزب بدأ يتخبط عسكريا في اكثر من منطقة سورية، لاسيما ان خسائره في العتاد والارواح قد بلغت ذروتها، اما التكتم على الخسائر فيتم بطريقة نفسية، اي بالتقسيط كي لا تتأثر الالة العسكرية للحزب بنتائج الحرب!

وفي عودة الى القوات الروسية الضاربة، فانها تتركز على منطقة الساحل السوري من اللاذقية الى دمشق مرورا بحمص والشمال الشرقي لمحافظة ادلب التي خسرها جيش الاسد في مجموعة معارك كر وفر مع المعارضة غير المحددة الى الان،  طالما ان قوات النصرة تتقاسم المغانم  على الارض بين يوم واخر. من غير ان تتأثر  بالضربات الجوية التي تستخدم البراميل المتفجرة من دون ان تتوصل الى حسم اي معركة جراء انتشار قوى المعارضة التي لا تزال  مفككة  وهذا من مصلحة  الجيش السوري الذي يستفرد بقوى المعارضة من غير ان يقدر  على حسم المعارك فيها!

ويخطئ من يظن ان العسكر الروسي جاء ليقاتل الى جانب العسكري السوري، لان مهامه تنحصر في استخدام مرابض الصواريخ بما في  ذلك تحديد مجالات الطيران من خلال الطائرات الجديدة التي تسلمتها سوريا في الايام القليلة الماضية، فيما هناك من يجزم بان الروس يحاذرون استخدام الطيران الحربي كي لا يتورطوا اكثر في حربهم على الجبهات السورية، كما حصل معهم في الحرب الافغانية وفشلهم في اثبات وجودهم كما حصل يوم دخول الاميركيين الحرب الى جانب الافغان بقيادة طالبان!

اما استمرار الاميركان في حربهم على طالبان فهو يقتصر على استخدام الطائرات من دون طيار، بما في ذلك تقديم مختلف انواع الاسلحة الحربية التي عممتها على باكستان اقله لخلق حال من التوازن العسكري بين طالبان من جهة وبين باكستان من جهة ثانية، وهذا ما يحاول الروس القيام به في سوريا الاسد، مع فارق كبير ان موسكو غير قادرة على اقامة نظام عسكري سوري متكافئ  مع المعارضة السورية المتعددة الاهداف مثل النصرة وداعش والجيش الحر.

ويجمع  المراقبون على القول ان تورط الروس في الحرب السورية ليس لمصلحتهم على المدى البعيد  حيث لا قدرة سورية على دفع الفواتير العسكرية وهم يكتفون  في الوقت الحاضر باقلاق راحة المنطقة بالتزامن مع ما هو حاصل في اليمن الذي فقد حلفاء الروس السيطرة عليه بعد سقوط عدن وعودة الحكومة الموقتة اليها بعكس ما كان الايرانيون يتوقعونه بالتزامن مع الدور الذي رسموه لانفسهم في كل من العراق وسوريا بلا طائل  مع ما يعنيه ذلك من تراجع واضح في القدرة العسكرية الايرانية المتمثلة بالالاف من الحرس الثوري المنتشر في دمشق ومحيطها وصولا الى الشاطئ السوري في منطقة اللاذقية؟!

وما يقال عن صعوبة عمل العسكر الايراني المدعم بمجاهدين من حزب الله  يقال مثله واكثر عن الجيش الروسي الذي يسعى لخلق حال من توازن الرعب مع المعارضة المتعددة التسميات في سوريا  فيما تتمتع قوى النصرة وداعش والجيش الحر بحرية الحركة في اكثر من منطقة في شرق سوريا بعد تسجيل انتصارات على جيش الاسد، لاسيما في درعا التي نزعت عنه صفة «الشرعية الدرزية» بعد اغتيال احد ابرز شيوخ العقل فيها، واعلان دروز جبل العرب خروجهم على الهيمنة السورية السياسية والعسكرية!

ومن الان الى حين وضوح الرؤية بالنسبة الى دور الجيش الروسي ثمة من يجزم ان موسكو تراهن على مؤتمر سلام يكفل ازاحة الرئيس بشار الاسد وانقاذ سمعة الروس العسكرية تماما مثلما حصل معهم يوم انسحبوا  في افغانستان لتحل محلهم قوات اميركية وجدت نفسها بعد حين وهي تمارس دورا احتلاليا خسرت من جرائه سمعتها السياسية ودورها العسكري الذي كلفها الاف الضحايا الى جانب الخسائر العسكرية التي تقدر بأكثر من تريليون دولار بلا طائل؟!