IMLebanon

تحرير خيارات سلام السنية

 

 

بما أنّ تشكيل الحكومة دخل نفق المحاصصات والمراضاة الاستثنائية “للثنائي” الشيعي من قبل الرئيس نواف سلام، فإنّ من المفيد طرح إشكالية التمثيل السني في التركيبة المقبلة انطلاقاً من جملة مسارات لا بُدَّ من التذكير بها حتى يكون التوازن في الرؤية حاضراً عند تناول هذا الاستحقاق المفصلي الذي يُفترَضُ أن يشكل مدخلاً للتغيير الذي رفع الرئيس جوزاف عون لواءه ولاقاه الرئيس سلام من حيث العنوان من دون أن يتمكن من الوصول إلى التطبيق.

 

 

 

من الضروريّ التذكير بأنّ الرئيس نواف سلام يأتي إلى موقع رئاسة الحكومة ممثلاً الطائفة السنّية، ولا يمكنه تغليب توجّهاته الفكرية الخاصة على أصل التمثيل الدستوري الذي جاء به إلى هذا الموقع، وهذا لا يخوّله اتخاذ مواقف أو إجراءات تقلّل من قيمة من يمثلهم شعبياً وعلى صعيد المرجعية الدينية، فالامتناع عن زيارة مفتي الجمهورية ليس مؤشراً على التحرّر، وإلّا كانت زيارة الرئيس جوزاف عون إلى بكركي مباشرة بعد أدائه يمين القسم إشارة تخلّف، وهذا غير صحيح، فالزيارة هنا ليست لإشراك هذه المرجعيات في الشأن السياسي، بل لحفظ التوازنات الكبرى في البلد.

 

 

 

ليس صحيحاً أنّ تيار المستقبل غائب عن المسرح السياسي، فهو حضر في الانتخابات النيابية الأخيرة بكتلة “الاعتدال” التي يدين أعضاؤها بالولاء للرئيس سعد الحريري من دون أن يكلّفوه عبء المسؤولية السياسية، كما أنّ النائبة بهية الحريري خاضت بشراسة معركة إعادة تسمية الرئيس نجيب ميقاتي في الاستشارات الملزمة التي أفضت إلى تسمية الرئيس سلام، وما بينهما يلعب التيار في انتخابات دار الفتوى والنقابات، لكنّ التيار الأزرق يمارس الآن عملية تخريب واضحة ضدّ الرئيس سلام بهدف إفشاله للادّعاء أنّه لا بديل عن الرئيس سعد الحريري، وذلك باستخدام تكتل “الاعتدال” لتعقيد عملية التأليف.

 

 

 

ونفتح هنا نافذة لنلقي الضوء على بعض الخيارات التي تغيب عن مقاربات الرئيس سلام وهي الانفتاح على الخيارات البعيدة عمّا يجري تداوله وأن يخُطّ لنفسه مساراً خاصاً في الخيارات الوزارية والإدارية لاحقاً.

 

 

 

ففي الواقع السنّي شمالاً، وابتداءً بعكار تبرز الكفاءات السنّية الناجحة في مختلف المجالات، بينما يضحّي النائب وليد البعريني بموقع الوزارة لعكار لصالح ترشيح شخصية من خارج محافظته استجابة لتوجيهات الأمين العام لـ “تيار المستقبل” أحمد الحريري، ومن أجل تحقيق مكتسبات في الانتخابات المقبلة، ومن هذه الكفاءات في المجال الأمني اللواء سعد الله حمد الذي يجمع بين كونه شخصية عكارية تتمتع بالكفاءة ونظافة الكف، وبين كونه ينتمي إلى العشائر العربية التي تشكل الشريحة السنية الكبرى خارج الأحزاب السياسية ويعمل “تيار المستقبل” على رفض توزير شخصية مستقلة منها. كما يبرز المهندس الزراعي بكر نعيم الذي استطاع بمبادراته الزراعية المتقدّمة أن يُحدِث نهضة حقيقية في هذا القطاع بعد إدخاله أنواعاً جديدة من المزروعات أتاحت للمزارعين الدخول إلى سوق التصدير في ذروة أزمتي كورونا والانهيار المالي، من دون الاحتياج إلى أيّ ارتهان سياسي.

 

 

 

وفي الضنية يبرز اسم الدكتور بلال هرموش المرشح السابق عن أحد مقعدي المنية الضنية وهو الذي تمكّن من فرض التوجّه السيادي في الضنية وأطلق عملية تنموية شملت جوانب حيوية، مستنداً إلى نجاحه في العمل الاقتصادي خارج لبنان وإلى المؤسسات التربوية التي تساهم في تطوير الواقع التعليمي في الشمال، وهو الذي نال 6263 صوتاً في الانتخابات النيابية الفائتة.

 

 

 

وفي طرابلس، لا بدّ من إعادة الاعتبار للقوى السيادية بعد عملية الإقصاء المكشوفة التي تعرّض لها النائب رامي فنج عندما كسرت قوى الأمر الواقع نتائج الانتخابات وجاءت بفيصل كرامي نائباً رغم كل العور القانوني الذي ساد هذا القرار.

 

 

 

نطرح هذه الخيارات للقول للرئيس سلام إنّ في كلّ منطقة شخصيات على الأرجح أهمّ مما يصل إليه على خلفية المصالح ومن أفضل المخارج أن يلجأ إلى تحكيم العدالة والكفاءة وليشكل حكومته ولتمثل أمام مجلس النواب وليتحمل نوّاب الأمة مسؤوليتهم.