IMLebanon

سماحة الى الحرية.. «هيك بدو بشّار والسيّد»

إخلاء سبيل الإرهابي ميشال سماحة لم يكن مفاجئاً، وهو ليس حالة جديدة في بلد تحكمه سياسة «الأمر الواقع« كممارسة يومية منذ سنوات، لكنه حمل جديداً، أقله من حيث التوقيت وفجاجة الرسائل المُراد ايصالها. قرار المحكمة العسكرية بإخلاء سبيل سماحة، المُعترِف بنقل العبوات من سوريا الى لبنان، لم يكن الأول ولن يكون الأخير. فعندما يصدر «التكليف السياسي« من حزب لا يرى في لبنان إلّا امتداداً لإيران ومشاريعها، يصبح كل «حليف إلهي« مُتّهم بـ«الإرهاب«، بريئاً، حتى لو ثَبُتَ العكس. قالها الأمين العام لـ«حزب الله« السيّد حسن نصرالله سابقاً: «نحن لا نتخلى عن حلفائنا«. وعده كان صادقاً. أطلق سراح سماحة كما أطلق وحمى الكثيرين من قبله. ها هو العميل فايز كرم خرج من السجن محمولاً على الأكتاف. وها هو قاتل الشهيد سامر حنا، ما لبث ان أُوقف بتهمة القتل حتى خرج في ليلة ما فيها ضو قمر. وها هو رفعت عيد، المتّهم بتفجيري مسجدي التقوى والسلام في طرابلس، يسرح ويمرح امام أعين القوى الامنية ويطل على شاشة المنار للتحدّث في السياسة. وها هو شاكر البرجاوي، المطلوب بمذكرات توقيف، يجلس في الصفوف الامامية في خطابات «سيّد المقاومة«.. و«مش فارقة معه حدا«! 

خرج ميشال سماحة من السجن. وصل الى منزله محاطاً بالأصدقاء والأهل. جلس على أريكته ضاحكاً منتصراً. لم يتحدّث مطوّلاً. اكتفى بالتأكيد على انه سيتابع عمله السياسي بشكل طبيعي، وطالب بألا يحمي احد مسلّحي «داعش«. يحتاج الأمر الى استعادة المنطق الارسطي لكشف حقيقة التصريح. في المقدمة الكبرى، يقول سماحة انه سيتابع عمله بشكل طبيعي (ربما عمله بنقل المتفجرات). المقدمة الصغرى، ان «تنظيم داعش يشكل خطراً«. فهل هي مقدّمة لتفجير عبوات سورية، ينقلها سماحة أو غيره، فتُلصق التهمة لاحقاً بتنظيم داعش الارهابي، صاحب «الجسم اللّبيس«؟ وماذا لو كانت عبوات سماحة- مملوك قد وصلت بالفعل الى اهدافها؟ هل كان سيخرج على اللبنانيين «رجل مقاوم« ليتّهم «داعش« بـ«التفجيرات الإرهابية«؟ واذا كان سماحة اعترف بلسانه بأنه نقل المتفجّرات، فما المانع من ان يكون العديد من العبوات التي زُرعت وحصدت عشرات اللبنانيين طوال سنوات، تابعة للمصدر نفسه الذي يوهم العالم بأنه «يحارب الارهاب«؟ 

ازدواجية المعايير المتمثّلة بـ«محاربة الارهاب ودعمه في الوقت عينه«، ليست جديدة على محور الممانعة. هل تساءل الجمهور لماذا ترافع «حزب الله« دفاعاً عن عمر بكري فستق، المتهم بالانتماء الى تنظيم القاعدة،ثم أوكل الى احد المحامين المقربين منه الدفاع عن نائب امير «كتائب عبد الله عزام« جمال دفتردار؟! هل يذكر الجمهور شاكر العبسي، زعيم تنظيم «فتح الاسلام« الارهابي الذي اطلق النظام السوري سراحه باتجاه لبنان ليعلن امارته الاسلامية في الشمال اللبناني ؟! هل يذكر الجمهور مَن وضع يومها «الخطوط الحمر« بوجه الجيش اللبناني في «نهر البارد«؟! لا بأس. سيخرج من يقول بأن نصرالله، حامل راية القضية الفلسطينية، كان يخشى على حياة اللاجئين الفلسطينيين في المخيّم! لكن هذا الحزب نفسه يحاصر اليوم مخيّم اليرموك في دمشق ويمنع عنه حتى الهواء ! هل سمع الجمهور بـ«سمير خليفاوي« الملقّب بـ«حجي بكر« ؟! هل قرأ الجمهور ما كتبه ضباط في الدول الغربية، وبينهم ضابط سابق في الاستخبارات الاميركية يدعى مايكل بريجينت، حول استخدام ايران والنظام السوري لتنظيم «داعش« الارهابي كذريعة لتقديم نفسيهما كضمانة ضد هذا التنظيم المتطرف؟! سيخرج ايضاً من يقول بأن هؤلاء الضباط هم مجموعة من جهاز «الموساد« الإسرائيلي، وبأن الوثائق المسربة، والمليئة بالجداول والنصوص والتفاصيل الاستراتيجية الذي وضعها «حجي بكر« لارساء دعائم «داعش« خدمة لنظام الاسد، هي من فبركات «الموساد« ايضاً. لكن هل أمر «الموساد« نوري المالكي والاسد باطلاق سراح آلاف الإسلاميين المتطرفين من سجنَي ابو غريب وصيدنايا لضرب الثورة؟ حتى ان الميدان السوري، وتحديداً جبال القلمون، شهدت سابقاً، هجوماً شنّه تنظيم «داعش« الارهابي على فصائل المعارضة السورية، وفجّر مخازن اسلحة لـ«جيش الفتح« تزامنا مع تقدم «حزب الله« على محور الجبة-عسال الورد. كما ان «داعش« الارهابي، وصل الى اليرموك والغوطة عبر طرق ومعابر لا وجود فيها إلّا لقوات النظام و«حزب الله«، دون ان تطلق رصاصة واحدة عن طريق الخطأ! لا بأس، فكل ذلك فبركات تهدف للنيل من المقاومة وصمودها بوجه المشروع «الصهيو- تكفيري«. 

الحكم بإخلاء سبيل مسؤول سياسي اعترف بنقل المتفجرات من سوريا الى لبنان بهدف اغتيال شخصيات سياسية ودينية وإحداث فتن مذهبية وطائفية، أعاد الى الواجهة الحديث عن المحكمة العسكرية ومهامها. فالقرار بإعطاء امتيازات للقضاء العسكري، والتي تشمل محاكمة مدنيين، جاء في ظروف نزاع اهلي، وتمدد القرار اثناء الحرب الاهلية. لاحقا، استغلت الوصاية السورية هذه المحكمة وامتيازاتها لتمسك بها كما تريد، ويبدو انها ما زالت ممسكة بها.هذه الامتيازات غير المشروعة للمحكمة العسكرية لا تنسجم مع حقوق الانسان والنظام الديمقراطي في لبنان. فالقضاء هذا غالبا ما يُستخدم بشكل انتقائي واستثنائي خدمة للأقوى، كما يحدث اليوم، وليس لحماية الامن والمواطن، ما خلّف شعوراً بالاضطهاد لدى شريحة كبيرة من اللبنانيين، وساهم في صناعة الارهاب بدلا من ان يكون اداة حقيقية لمكافحته. اضافة الى ذلك، فالمحكمة العسكرية الاستثنائية، تُعتبر احدى الصور البشعة والقمعية لانظمة الطوارئ وللانظمة التوتاليتارية اما دساتير الانظمة الديمقراطية، فتمنع ذلك. والمستغرب ان يشهد لبنان، اول ديمقراطية في العالم العربي، توجهاً نحو العسكريتاريا في الوقت الذي نشهد ثورات تهدف الى الغاء انظمة الطوارئ في الانظمة العسكرية نفسها.

هناك ميشال سماحة واحد تم ضبطه بالجرم المشهود. ميشال سماحة واحد عرف اللبنانيون بعد عمر طويل من اي قبوٍ تدرّج ليصبح وزيراً، وكيف كان اسمه يهبط بالبراشوت على اللوائح. ميشال سماحة واحد يظهر ككل الناس المحترمين بربطة عنق «سينييه« ويتحدث مثل الناس المثقفين «بتوع المدارس«، ثم يأوي إلى بيته في المساء وفي صندوق سيارته، التي اتسعت ذات زيارة الى قصر المهاجرين لـ«حمارين«، متفجرات تكفي لقتل لبنانيين أكثر من الذين قتلتهم اسرائيل في قانا. ميشال سماحة واحد شاهد الناس بأم أعينهم ماذا يحوي صندوق سيارته. ميشال سماحة واحد كان يجلس بجانب نصرالله في مهرجانات الممانعة ويضع على كتفه «الكوفية« الفلسطينية «لزوم الشغل«! ميشال سماحة واحد أدخل متفجّرات الى لبنان لأن «بشار هيك بدو«، قالها سماحة بلسانه. ومن ثم أُخرج من السجن لأن «السيّد هيك بدو«، يقول مصدر قضائي مطلّع على الملف.