IMLebanon

سامي الجميل: الحوار مع دمشق ممكن اذا…

لا يمل رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل من الاستمرار في رفع الصوت اعتراضا على نهج السلطة الحالية، بل ان الرجل يوحي بان في حنجرته المزيد من الاوتار الصوتية التي لم تُستخدم بعد، في مواجهة الحكم، ملمحا الى انه لا يزال يخفي العديد من عناصر القوة السياسية والشعبية، في انتظار  لحظة الانتخابات النيابية التي يعتبرها مفصلا في مسار الاصلاح المنشود.

في احدى غرف البيت المركزي للحزب في الصيفي، ينزع الجميل «الجاكيت» لمزيد من الاريحية والانسيابية، ويجلس على رأس طاولة تحلق حولها عدد من الصحافيين، ثم يطلق العنان لمواقف جذرية، تواكبها حركة اليدين اللتين تتمددان او تنكمشان تبعا لطبيعة الموقف ومستوى التعبير عنه.

يفخر الجميل بكونه معارضا يقيم خارج نادي السلطة الذي جمع برأيه التناقصات، على قاعدة مصالح شخصية، منتقدا التطبيع السائد من قبل معظم القوى السياسية مع الامر الواقع المتمثل في مصادرة قرار الدولة وتكريس ازدواجية السلاح ووجود جيشين على ارض واحدة، ملاحظا انه لم يعد هناك من توازن في الدولة، ونحن امام تبدل ثقافي على مستوى مؤسسات الدولة والحياة السياسية.

ويشدد الجميل على اهمية مواصلة الصمود وعدم الرضوخ لثقافة الاستسلام، اقله من باب المحافظة على الخيار المبدئي، إذا كان التغيير المطلوب متعذرا في الوقت الراهن، مؤكدا انه لا يدعو الى أخذ البلد نحو حرب أهلية او نحو أزمات جديدة، لكن يجب ان نواجه محاولة التطبيع مع الخلل الذي يراد لنا ان نعتبره طبيعيا.

وبالنسبة الى آلية معالجة ملف النازحين السوريين، يرى الجميل ان الاولوية يجب ان تكون للتنسيق مع الامم المتحدة في هذا الشأن، فإن تعذر الوصول الى نتيجة نبحث عندها في إمكان الحوار مع الحكومة سوريا وفق شروط محددة، معتبرا ان مبدأ الحوار مع دمشق ليس مقفلا إذا كان يخدم المصلحة الوطنية اللبنانية ويسهل عودة النازحين.

ويشير الجميل الى ان من بين الخيارات الممكنة هو ان يتم التواصل بين لبنان وسوريا عبر وسيط، تماما كما ان حزب الله كان يفاوض اسرائيل عبر الوسيط الالماني لاطلاق سراح الاسرى.

وحول تعليقه على زيارة مجموعة من العسكريين في الجيش لمعلم مليتا في الجنوب، يؤكد الجميل ان لنا كل الثقة في الجيش، لكن المشكلة تكمن في القرار السياسي الذي يحاول تشويه صورة المؤسسة العسكرية من خلال جرها الى مواقف ومشاهد مسيئة لها. ويضيف رئيس «الكتائب»: ان مشهد مليتا خطر جدا، وهو مبرمج من قبل السلطة السياسية، لتوريط الجيش واظهاره في موقع ليس له، ضمن سياق التطبيع الثقافي مع الامر الواقع.

وفي ما خص الملابسات التي رافقت عملية الجيش في بعض مخيمات عرسال، يؤكد الجميل الوقوف الى جانب المؤسسة العسكرية في معركتها ضد الارهاب، دفاعا عن لبنان، داعيا الى التحقيق في ظروف وفاة اربعة من الموقوفين لمعرفة ملابسات ما حدث، انما من دون ان التشكيك للحظة في مصداقية الجيش الذي لا يجوز ان تتزعزع ثقة اللبنانيين فيه.

ويعوّل الجميل على الانتخابات النيابية المقبلة لإحداث التغيير، مؤكدا ان «الكتائب» لن يتحالف مع الموجودين في السلطة، ومضيفا: إذا كان البعض يعتقد ان المعارضين هم «فراطة» وسيذهبون فرق عملة، فنحن نؤكد ان خطابنا يمثل نصف اللبنانيين على الاقل، والشعب ليس أكياس بطاطا للمتاجرة ونحن سنقدم له البديل العلمي والمنهجي الممتاز، وهو عليه ان يختار بين الاوادم والزعران، ونحن نراهن على ان الناس لن يقبلوا بان يبقوا ضحية لانعدام الكفاءة والأخلاق.

ويتابع: إذا كان الموجودون في السلطة معتادين على التصرف وفق مقولة «أمرك سيدنا»، فنحن معتادين على المهنية في عملنا، وقد اثبتنا بالارقام والوقائع كيف كانوا يكذبون على الشعب اللبناني في العديد من الملفات الاقتصادية والمالية، من الضرائب التي اسقطناها الى البواخر التي اوقفناها، وغير ذلك، واننا سنواصل هذا المسار في مواجهة الفساد.

وعن تعليقه على الآداء الوزاري للقوات اللبنانية، يقول رئيس «الكتائب»: كنت أتمنى ألا تشارك «القوات» في هذه الحكومة، «لأنو ما بيلبقلن يكونوا فيها»، وعليهم ان يتحملوا مسؤولية خيارهم. ويتابع: إذا كانت «القوات» تعترض على نهج معين فيجب ان تستقيل، وقد وصلني انهم يقولون في مجالسهم الخاصة ان آخرتهم ستكون على ما يبدو كما فعل «الكتائب»، اي الاستقالة..

وتعليقا على التناغم والانسجام بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، يتساءل الجميل: هل يستطيع أحد ان يخبرني لماذا كانوا مختلفين ومتصارعين اكثر من عشرين سنة ولماذا جرى تجييش الشعب اللبناني طيلة هذه المدة.. هل كانت المسالة مسالة كيمياء مفقودة، فلما وُجدت تحققت المصالحة. نحن من جهتنا نختلف مع الآخرين على اساس مبادئ ونتصالح على اساس مشروع، اما التلاقي حول مصالح شخصية فنتركه لغيرنا.