IMLebanon

ساترفيلد معه طروحات «حلول ايجابية ظاهرياً

 

 

مرّة جديدة يعود مُساعد وزير الخارجيّة الأميركيّة ديفيد ساترفيلد إلى لبنان اليوم، في إطار الجولات المَكوكيّة التي يقوم بها في المنطقة، والتي تهدف إلى التوصّل إلى وضع مُحادثات ترسيم الحُدود البريّة والبحريّة بين لبنان والعدوّ الإسرائيلي على السكّة الصحيحة. فما هي آخر المعلومات في هذا السياق، وماذا سينقل ساترفيلد من طُروحات إلى كبار المسؤولين اللبنانيّين خلال الساعات المُقبلة؟

 

بحسب مصادر سياسيّة غربية، إنّ الجانب الأميركي مُستعجل هذه المرّة لإنهاء ملف الخلاف الحُدودي، بعكس ما كان الوضع عليه خلال مُحاولات مُماثلة جرت في الأعوام القليلة الماضية، لأنّ الإدارة الأميركيّة تعمل على تحضير الأرضيّة المُناسبة لإعلان «صفقة القرن» الخاصة بالقضيّة الفلسطينيّة، وهي ترغب بالتالي بتهدئة الأوضاع بشكل كامل في الجنوب، وبسحب أي ملفّ خلافي يُمكن أن يُمثّل ذريعة بيد أي جهة، للعمل على ضرب هذه التسوية المُرتقبة والتي تصبّ بُنودها في صالح العدو الإسرائيلي على حساب الحُقوق الفلسطينيّة، والتي تُهدّد بتغيير ديمغرافي خطير في لبنان كونها تتجاهل حق عودة اللاجئين الفلسطينيّين إلى أرضهم، بحسب ما تسرّب من وثائقها. وأضافت الأوساط أنّ لبنان من جهته، وافق على الوساطة الأميركيّة لمُحادثات ترسيم الحُدود التي ستجري برعاية الأمم المُتحدة، لأنّه لا يرغب بالذهاب بمُشاكله الحُدودية مع العدوّ الإسرائيلي إلى المحكمة الدَوليّة لقانون البحار، مع ما يعنيه هذا الأمر من هدر ثمين للوقت، بالتزامن مع تجميد كل التحضيرات الرامية إلى إستخراج الغاز من البلوكات الحُدوديّة، لا سيّما منها البلوك رقم 9، علمًا أنّ نتيجة رفع لبنان أي دعوى قضائيّة دَوليّة غير مَضمون النتائج على الإطلاق، ليس لنقص في الوثائق إنّما في ظلّ التدخّلات الدَوليّة.

 

وكشفت المصادر الغربية أنّ المُحادثات ستجري في المقرّ المركزي لقيادة قوّات الأمم المتحدة العاملة في لبنان في الناقورة، أي في المكان نفسه الذي إستضاف المُحادثات السابقة التي إنتهت بالإتفاق على ما إصطُلح على تسميته بالخطّ الأزرق، وهو الخط الحُدودي الذي يبلغ طوله 120 كيلومترًا، والذي رسمته الأمم المتحدة في تمّوز من العام 2000، من دون أن يكون له أي أهميّة قانونيّة على مُستوى الحُدود الدَوليّة المُعترف بها رسميًا بين الدُول. وأضافت أنّها ستتمّ بين الوفدين اللبناني والإسرائيلي بشكل غير مُباشر، حيث سيتنقّل أعضاء من الأمم المُتحدة بين الوفدين خلال مرحلة التفاوض، مُتوقّعة أن تُوضع التحضيرات اللوجستيّة، وخُصوصًا مسألة تشكيل الوُفود، على نار حامية، علمًا أنّ المعلومات المُتوفّرة تتحدّث عن تضمّن هذه الوُفود – وإضافة إلى الأعضاء العسكريّين، خبراء في المُسوحات الطوبوغرافيّة وخبراء في القانون الدَولي أيضًا.

 

وأشارت المصادر نفسها إلى أنّ المُفاوضات المُرتقبة ستتركّز على رسم الخطّ البحري الفاصل بين المياه الإقليميّة اللبنانيّة، وتلك المُقابلة للأراضي الفلسطينيّة المُحتلّة، لجهة كل من الخط الفاصل وإتجاهه، والعمق البحري، علمًا أنّ العمق يُمكن أن يُحلّ بشكل أسهل تبعًا للقوانين الدَوليّة المرعيّة الإجراء في ما خصّ المياه الإقليميّة للدول بحسب خريطة وتضرّسات برّها، لكن الصُعوبة ستكون في تحديد إتجاه الخط البحري الفاصل، حيث أنّ «إسرائيل» تُحاول حرفه شرقًا نحو قُبرص من نقطة إنطلاقه في لبنان، بينما يضغط الجانب اللبناني لجعل هذا الخطّ عموديًا وغير مائل، وذلك إنطلاقاً من أعلى نقطة في رأس الناقورة، وتابعت المصادر أنّ هذه النقطة الخلافية تشمل رقعة بحريّة مُثلّثة الشكل، تبلغ مساحتها الإجماليّة نحو 840 كيلومتر مربّع، وهي تُلامس في أطرافها البلوكات رقم 8 و9 و10، علمًا أنّ لبنان مُصرّ على التمسّك بها حتى النهاية، في مُقابل سعي إسرائيل لإنتزاعها – ولوّ جزئيًا، مع التذكير بأنّ المُوفد الأميركي السابق فريديريك هوف كان إقترح على المسؤولين اللبنانيّين في العام 2012 منح الجانب اللبناني 60 % من مساحة الرقعة البحريّة محطّ الخلاف، في مقابل 40 % للعدو الإسرائيلي، لكن لبنان رفض هذا العرض، وبقي مُتمسّكًا بهذا الرفض.

 

ولفتت المصادر الغربية إلى أنّه على الرغم من التوافق المبدئي على ضرورة ترسيم الحُدود البحريّة والبريّة بشكل مُتزامن، فإنّه من المُرجّح أنّ يعمل المُوفد الأميركي ساترفيلد الذي يحمل معه طُروحات حُلول بطابع إيجابي ظاهريًا، على إقناع المسؤولين اللبنانيّين على إستثناء مناطق الخلاف البرّي الحسّاسة، أي مناطق مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وحتى الجزء الشمالي من بلدة الغجر، من جولات التفاوض المُرتقبة، نظرًا إلى أنّ هذا الملفّ شائك جدًا ويتطلّب فترة زمنيّة طويلة من الأخذ والردّ، علمًا أنّ بعض جوانب هذا الملف يعني الثلاثي لبنان وسوريا و«إسرائيل» في آن واحد، الأمر الذي يزيد من تعقيداته. وتوقّعت المصادر نفسها أن يعرض ساترفيلد على الجانب اللبناني الإستفادة من تنازل إسرائيلي جزئي ومحدود، في ما خصّ مجموعة من النقاط الخلافيّة على الحُدود الوسطى بين البلدين، والتي تُشكّل مساحتها نحو 5 كلم. مربّع، حيث كان لبنان قد تحفّظ على 13 نقطة حُدوديّة خلافيّة تمتدّ من مزارع شبعا إلى بلدة الناقورة، ولم تستبعد المصادر أن تصبّ أيضًا خريطة المياه الإقليميّة النهائيّة في صالح لبنان على مُستوى النقاط الخلافيّة البحريّة، وذلك بضغط أميركي.

 

وختمت المصادر نفسها أنّ الجانب الأميركي يضغط في المُقابل للحُصول على تنازلات لبنانيّة مُقابلة، حيث يُنتظر أن تُعقد في المُستقبل القريب إجتماعات بين قيادة الجيش اللبناني من جهة، وقيادة قوّات «اليونيفيل» العاملة في الجنوب من جهة أخرى، لدرس سُبل تعزيز تواجد الجيش اللبناني في المنطقة الحُدوديّة، على مُستوى العديد والعتاد، وكذلك على مُستوى إستحداث نقاط تمركز ومراقبة جديدة، لمنع أي أنشطة أمنيّة الطابع في المنطقة الحُدوديّة لغير قوى الجيش. وتوقّعت المصادر أيضًا أن يُعطي رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون «الضوء الأخضر» في الأسابيع القليلة المُقبلة لوضع آليّة لبحث «إستراتيجيّة دفاعيّة» للبنان، ستتناول في شق أساسي منها، سلاح حزب الله، حيث تُراقب واشنطن عن قُرب ما ستؤول إليه هذه الخطوة أيضًا، لتبني على الشيء مُقتضاه.