IMLebanon

أبعد من الإصلاحات وإسم الرئيس… ماذا تُريد السعودية من لبنان؟  

 

بعد اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري وخروج سوريا من لبنان، تكسّرت المظلة السورية – السعودية التي كانت قائمة فوق الوضع السياسي والاقتصادي اللبناني، فضاعت معادلة السين – سين الشهيرة في ظل انطلاق الصراع الكبير والعلني بين فريقي 8 و14 آذار، ومنذ ذلك التاريخ تبدل كل شيء.

عام 2011 بدأت الحرب في سوريا، واشتد الصراع بين فريق في لبنان على رأسه حزب الله والدول الخليجية على رأسها السعودية، وأصبحت الساحة السورية ملعباً لرسائل حربية بين الطرفين، بالإضافة الى اتخاذ الصراع أشكالاً أخرى في لبنان بعد تقدم فريق 8 آذار على فريق 14 آذار، أبرزها الضغط الإقتصادي على لبنان من خلال منع سفر مواطني الخليج الى بيروت، الأمر الذي ضرب السياحة ومدخولها الكبير الذي وصل عام 2010 الى 8 مليار دولار، فانخفض في العام الأول للصراع، أي عام 2011، حوالي 24 بالمئة حسب أرقام منظمة السياحة العالمية، مع العلم أن السياحة العربية كانت تشكل لوحدها حوالي 45 بالمئة من صافي دخل السياحة في لبنان، والسياحة السعودية كان لها حصة النصف.

بعدها تدهورت العلاقات أكثر بين حزب الله والسعودية، ولم يتمكن اي طرف من فرض توازن قوة مع الحزب، حتى فقدت السعودية الامل من كل حلفائها في الداخل اللبناني، وباتت تتهم لبنان بأنه تحت سيطرة الحزب، وهذا ما جعلها تبتعد عنه أكثر فأكثر.

في تسوية وصول الرئيس ميشال عون الى رئاسة الجمهورية لم تكن السعودية طرفاً فيها، لكن حاول رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل الحصول على الموافقة السعودية من خلال وعد أطلقه للسعوديين بأن لا يكون حزب الله “عدوانياً” تجاه المملكة، لكن هذا الوعد بحسب السعوديين سقط ولم يُطبّق، فاستمر الإبتعاد السعودي عن السياسة في لبنان، واستمر الصراع مع حزب الله وإيران، خاصة بعد اشتداد معارك اليمن.

السؤال اليوم هو ماذا تُريد السعودية من لبنان، بعد الاتفاق مع إيران، فالكلام الظاهر يقول بأن السعودية تُريد الإصلاحات، وتُريد توازناً بالرئاسات الأولى والثالثة، لكن ما تُريده السعودية أبعد من ذلك.

بحسب مصادر سياسية متابعة، فإن الملف اللبناني، كملف قائم بذاته لا يهم السعودية التي غيرت الكثير من استراتيجيتها، لذلك ما يعنيها اليوم هو انهاء الصراع في اليمن، الذي معه سينتهي ملف أساسي خلافي بينها وبين حزب الله، مشيرة الى أن ما يهم المملكة هو أمنها القومي، الذي كانت تعتبر أن حزب الله يشكل جزءاً من الخطر عليه بسبب تعاونه مع الحوثيين في اليمن، كما أن إيجاد الحلول في ملفات أخرى كالعراق وسوريا، أيضاً سيساهم بتخفيف التوتر الإقليمي مع حزب الله، وهذا ما يساعد لبنان بشكل أساسي.

وترى المصادر أن ما يعني السعودية في لبنان في المرحلة المقبلة هو أولاً “موقف حزب الله”، وثانياً، عدم الدفع والمساعدة دون مقابل بعد أن وجدت أن كل الدعم السابق لم يجد طريقه لتحقيق أي مصلحة لها، بل ذهب الى جيوب الحلفاء الذين كانت تعول عليهم، دون نتيجة، وبالتالي هي تقول اليوم ان على اللبنانيين بناء السلطة بطريقة متوازنة، لا يكون حزب الله وإيران هم القوة المسيطرة عليها، وأن ينعكس ذلك من خلال السياسة اللبنانية التي يجب أن تكون الى جانب الدول العربية، وستأتي المساعدات بعدها على شكل اتفاقيات وعددها 22، حاضرة وموقعة وجاهزة للتنفيذ.

كل هذا الواقع يعني أن علاقة السعودية بلبنان مرتبطة بشكل أساسي بملفات الإقليم، وعندما تحصل الحلحلة هناك، تصبح الامور أسهل وأوضح داخل لبنان.