IMLebanon

الدور السعودي في تثبيت المناصفة وفكرة الدولة في لبنان

 

لا يشبه الدور السعودي في لبنان، بشهادة من واكبوه منذ أيام الحرب الأهلية حتى يومنا هذا، أي دور آخر لعبته أو تلعبه باقي الدول العربية أو الغربية التي لطالما كانت لديها مصالح تطمح لتحقيقها من خلال استخدام لبنان كساحة تصفية حسابات أو فرض معادلات جديدة على مستوى المنطقة ككل.

ويشير رئيس «لقاء سيدة الجبل» النائب السابق فارس سعيد، إلى أنه «لطالما احتل لبنان اهتمام دوائر القرار في المملكة العربية السعودية التي لم تتركه يوماً دون ضمانات، فكانت الضمانة الأولى، بحيث إنه وللمرة الأولى في تاريخ لبنان المعاصر حصل المسيحيون في عام 1989 من خلال اتفاق (الطائف) على مطلبهم التاريخي ألا وهو نهائية الكيان اللبناني خطياً كما حصل المسلمون على مطلبهم التاريخي بعروبة لبنان وانتمائه للعالم العربي»، معتبراً أن «هذا العقد الاجتماعي بين المسيحيين والمسلمين يتجاوز موضوع المناصفة والمثالثة بوصفه أنهى سبعين سنة من التقاتل بين فريق يتهم الآخر بأن لبنانيته ناقصة وفريق يتهم الأول بأن عروبته ناقصة». ويلفت سعيد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «ضمانة ثانية أتت إقليمية بحيث إن القمة العربية في بيروت قالت الأرض مقابل السلام، أي إذا حصلتم على الأرض تحصلون على ضمانة السلام الإقليمي»، مضيفاً: «أما الضمانة الثالثة فمن طبيعة ثقافية، أي إن العروبة كما طرحها إعلان الرياض عام 2007 ليست آيديولوجية أو دينية إنما رابطة حضارية». ويرى أن «هذه العطاءات الثلاثة التي ساهمت المملكة مساهمة أساسية فيها ثبّتت نهائية الكيان وعروبة الكيان وموقع لبنان في الصراع العربي – الإسرائيلي وأكدت العروبة التي لا تتناقض مع اللبننة ولا تزعج فريقاً من اللبنانيين».

من جهته، يرى الدكتور محمد السماك، أمين عام اللجنة الوطنية للحوار المسيحي الإسلامي، أنه «من الخطأ التعاطي مع المملكة فيما يتعلق بلبنان كأنها زائد واحد عن بقية الدول العربية، إذ يمكن الحديث عن خصوصية في العلاقات اللبنانية – السعودية منذ أيام الملك المؤسس، وهي عاطفة ترجمها الملوك السعوديون وآخرهم الملك الحالي». ويشير السماك في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن المملكة لم تقدم حصراً مساعدات مالية ومادية للبنان إنما قدمت له الدعم المعنوي على مدى سنوات عديدة، وكان دعمها شاملاً وموضع تقدير كل اللبنانيين من كل الطوائف، فحتى بعد عدوان يوليو (تموز) 2006 تم توزيع المساعدات السعودية على المناطق المنكوبة»، وأضاف: «تتجاوز المملكة بعلاقاتها الصيغة المحلية اللبنانية والمعادلات الانقسامية، ولطالما كانت تلعب دوراً توفيقياً تكرس باتفاق الطائف الذي رعته وحرصت على تنفيذه». ويتحدث السماك عن «لعب المملكة دوراً أساسياً في تثبيت التوافق اللبناني على المناصفة، بوصفها لم تُملِ في يوم على لبنان المناصفة أو سواها بل باركت وسهّلت تنفيذ ما يتفاهم عليه اللبنانيون»، موضحاً أن «عقلية تعاطي المملكة مع لبنان مختلفة عن تعاطي معظم الدول الأخرى معه باعتبار أن الكثير من هذه العلاقات ينطلق من ولاءات وتبعيات سياسية بخلاف العلاقة مع المملكة التي لم تتعاطَ في يوم من الأيام مع أيٍّ من الفرقاء كتابع لها، وتمسكت بالشمولية في التعامل مع اللبنانيين».

ويتحدث رئيس جهاز الإعلام والتواصل في «القوات اللبنانية» شارل جبور، عن «دور تاريخي للمملكة هو دور ضامن لسيادة لبنان واستقلاله ومفهوم الدولة في لبنان»، مشدداً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على «حرصها الدائم على العيش المشترك الإسلامي – المسيحي». ويقول: «هي من قلة قليلة من دول لم تتدخل في الحرب اللبنانية لتغليب فريق على فريق سياسي آخر. علماً بأنه كان باستطاعتها بشكل بدهي وتلقائي أن تكون في الحرب التي كان لها طابع طائفي مع المسلمين ضد المسيحيين لكن كل الوقت كانت مع اللبنانيين وعملت وجهدت لوقف الحرب ولم تكن يوماً طرفاً في هذا النزاع الذي تدخلت فيه كل دول العالم». ويرى جبور أن «الأساس دعم الدولة، وأهمية الموقف السعودي أنه مع الدولة والدستور والتعايش، أما الدور الإيراني فمناقض للدور السعودي بوصفه داعماً للدويلة على حساب الدولة ولسلاح (حزب الله) على حساب سلاح الجيش اللبناني، ما يعني ضرب الدستور ومفهوم الحياد والتعايش وتغليب فئة من اللبنانيين على حساب باقي الفئات». ويضيف: «المطلوب من كل دول العالم دعم الدولة وكل ما تبقى تفاصيل نتفق عليها كلبنانيين داخلياً».