IMLebanon

تجار الطائفية ومغتصبو السلطة جاهزون لقمع أي تحرك

الحراك المدني الشعبي والشبابي لم يكن سببه النفايات التي تراكمت في المدن والبلدات ولم تجد الحكومة حلولاً لها، بالرغم من التحذير منها، وتقديم حلول من قبل خبراء في البيئة، فان الازمة التي يمر بها لبنان، سببها نظامه السياسي الذي اعتمد الطائفية كحل موقت له على حدّ قول مصادر متابعة في توزيع السلطة وفق المادة 95 من الدستور، وانتجت حروباً داخلية، كان اطولها تلك التي امتدت من العام 1975 حتى العام 1990، وحاول اتفاق الطائف تجميل النظام بتشكيل هيئة وطنية لالغاء الطائفية، لكن المسؤولين عن تطبيقه فشلوا في ذلك، فاستشرت الطائفية التي حمت الفساد، ومددت لطبقة سياسية في مواقع السلطة.

وهذا الحراك هو رد فعل على تراكم لاداء سياسي، قام به من تولوا السلطة، منذ ما بعد الحرب الاهلية، اثناء الوجود السوري، وما بعد خروجه، ادى الى زيادة الدين العام وخدمته، والغاء الطبقة الوسطى، وافقار المواطنين، وانشاء مجالس وصناديق لتقاسم المغانم، بعد تحاصص الوظائف، وتحويل المواطنين الى زبائن عند زعماء الطوائف والمذاهب، وقادة الاحزاب والسياسيين، وفق مصدر سياسي داعم للحراك المدني الذي يؤكد ان كل من دخل الحكم سواء كان في 8 و14 آذار والوسط، وقبل هذا التصنيف السياسي الذي استجد بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري او قبله، كل هؤلاء يتحملون المسؤولية عما آلت اليه اوضاع البلاد، اذ كان النهب للمال العام علنياً وعلى طريقة «عالسكين يا بطيخ»، ولم يكن السارقون للخزينة العامة يخجلون من فعلتهم، بل كانوا يصرحون علناً دون احترام للمواطنين الذين كانوا يقبعون في منازلهم، دون اي حراك، ويسمعون بالفضائح الموصوفة، وهم مغلوبون على امرهم، لأن لا وسيلة لديهم للمحاسبة سوى الانتخابات النيابية، التي كانت نتائجها معلبة، بفعل القانون والمال السياسي، وتركيب التحالفات.

فعلى مدى 25 سنة، والمواطن اللبناني يعرف بالاسماء الفاسدين، ويرى مظاهر الثراء غير المشروع، على نواب ووزراء وقادة احزاب ومسؤولين فيها، والى حاشيتهم ومحاسيبهم، دون ان يسأل احد منهم، من اين له هذا، يقول المصدر، ولا يطبق قانون الاثراء غير المشروع، ومن وقع منهم بيد القضاء لاسباب سياسية، تكون محاكمته شكلية، ويخرج بعد ان يدفع لمن كان يشغلّه المال. هذا هو واقع الحال الذي يئن تحته المواطنون ويشكون منه، وما يلجمهم عن اي تحرك، كان المسؤولون السوريون الذين كانوا يديرون الملف اللبناني، وساهموا في الفساد والافساد، وظهرت طبقة سياسية هم انتجوها وكانوا شركاء معها، يستفيدون منها وتستفيد منهم، وان هؤلاء معروفون بالاسماء لدى اللبنانيين، كما ان دخول رجال المال والاعمال الى السياسة، كان سبباً ايضاً في الفساد، وفي شراء الذمم، حيث اثرى بعضهم من خلال خصخصة قطاعات الدولة، اسسوا شركات لاستثمارها.

فالفساد هو العنوان الذي جمع المنتفضين على الاهتراء في مؤسسات الدولة، التي تراجعت خدماتها للمواطن، من الامن الى القضاء والكهرباء والمياه والنفايات والصحة والتعليم والطرقات، والرشاوى في الادارات، والغش في الطعام، اضافة الى ازدياد الفقر، حيث يرزح ثلث الشعب اللبناني تحته ويعيش افراد منه بأربعة دولارات يومياً (6 الاف ليرة لبنانية)، مع ارتفاع الاسعار وزيادة غلاء المعيشة، اذ يعتبر لبنان من الدول التي تعتبر المعيشة فيه غالية نسبة الى دخل الفرد والحد الأدنى للاجور، يقول المصدر الذي يتحدث عن نسبة بطالة بين صفوف الشباب والخريجين وصلت الى حدود 30%، مع انعدام فرص العمل في لبنان، وتعثر وجودها في الخارج، لا سيما في دول الخليج لاسباب عدة، وهو ما دفع بالشباب الى النزول للشارع، وهم النسبة الكبرى المتواجدة في الحراك والمؤثرة فيه، وهذا ما يؤشر الى تطورات خطرة، اذا لم تعالج الدولة، المسببات لهذه الازمات المتراكمة، التي ستفجر ثورة اجتماعية – اقتصادية.

ومع الفساد واستخدام النفوذ في السلطة للاثراء وتحقيق المكاسب، فان التوريث السياسي، راكم ايضاً من الغضب الشعبي لدى الشباب الذين يرون امامهم مشهد انتقال السلطة من الاب الى الابن وكانت قبلها مع الجد، وستنتقل الى الاحفاد فيما بعد، وهي ممارسة تعود الى عقود لا بل الى قرون، من حكم الاقطاع والعائلات السياسية الى المال السياسي، مما يقضي على اي تغيير في السلطة، اذ يتطلع هؤلاء الشباب الثائرون في ساحات لبنان، الى شباب مثلهم يورثهم اهلهم السلطة، ليقفوا على اي طموح لديهم بالتغيير، ويجدد لهم في مواقعهم قوانين انتخابات تفصّل على قياسهم، يقول المصدر، الذي يدعو القائمين على الحراك الى عقلنة الخطاب السياسي، بوضع برنامج او خطة مدروسة للتحرك، وعدم رفع السقف لمطالب قد لا تتحقق، والتركيز على مسألة محاربة الفساد، واصدار قانون انتخاب يساهم في تكوين السلطة، ويفرز ممثلين من خارج القيد الطائفي والتوريث السياسي، وتجار الهيكل.

فمنع التوريث ومحاربة الفساد، هما العنوان المشترك لكل حراك حصل في دولة عربية قبل خمس سنوات، وهونفسه في لبنان، لكن «الثورة الشعبية» سرقها «اخوان مسلمون»، و«مسلمون متشددون»، واحزاب طائفية، وانتهازيون، وهو ما يجب ان يتنبه له الحراك المدني في لبنان، الذي، ان لم ينظم ويضبط «الفوضويين» فيه، يقول المصدر، فانه قد يموت في المهد، وتجار الطائفية، ومغتصبو السلطة، والفاسدون، جاهزون للانقضاض عليه بأدواتهم القمعية، وتحريكهم للطائفية.