IMLebanon

بين الصين وروسيا…. “كما حنّا كما حنين”  

 

 

بالفعل قد يستغرب القارئ كيف يمكن للصين أو لروسيا أن تعارضا القرار الاميركي المطروح ولأوّل مرّة على أساس انه لمصلحة وقف إطلاق النار في غزّة..

 

الحقيقة أنّ القرار تقدمت به الولايات المتحدة وأقل ما يُقال فيه إنه ملغوم، إذ ان ظاهره وقف إطلاق نار، وباطنه إبقاء كل الأمور على حالها. كيف..؟ بكل بساطة ما يلفت المراقب عندما يقرأ القرار الذي قدمته أميركا ترى النقاط التالية:

 

أولاً: القرار يكتفي بموضوع وقف إطلاق نار، وهذا جيّد.

 

ثانياً: يعالج القرار موضوع إدخال المواد التموينية لقطاع غزّة، وهذا أمر مطلوب إنسانياً.

 

ثالثاً: لم يذكر القرار الانسحاب الاسرائيلي من غزّة… أو يحدّد مهلة لحدوث مثل هذا الانسحاب.

 

رابعاً: لم ينص القرار على فتح كل المعابر بين غزّة ومحيطها… لرفع الحصار عن القطاع المحاصر منذ زمن بعيد.

 

خامساً: القرار يدعم وقف إطلاق نار فقط ولا يراعي ما بعده…

 

سادساً: يدعم القرار الجهود الديبلوماسية الدولية الجارية بالافراج عن جميع الرهائن.

 

سابعاً: لم يتحدّث القرار عن السجناء والمعتقلين الفلسطينيين وعلى عملية التبادل بينهم وبين الرهائن المعتقلين عند «حماس».

 

انطلاقاً مما ذكرنا نستطيع أن نتفهم الموقفين الروسي والصيني.

 

اما بالنسبة للجهود الديبلوماسية التي يقوم بها وزير خارجية أميركا بعودته الى منطقة الشرق الأوسط للمرّة السادسة حيث زار القاهرة واجتمع مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وانتقل بعدها الى إسرائيل. وكان يوم الاربعاء الماضي قد زار المملكة العربية السعودية واجتمع مع كبار المسؤولين السعوديين فيها في جدّة.

 

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية ماثيو ميلر في بيان: «إنّ بلينكن بحث في جدّة والقاهرة جهود الوساطة التي تجريها قطر ومصر بين «حماس» وإسرائيل. فضلاً عن الجهود المبذولة لتوصيل المزيد من المساعدات الى غزّة».

 

إلى ذلك، زار بلينكن إسرائيل أمس الجمعة في إطار جولته الشرق أوسطية.

 

وسبق أن فشل مجلس الأمن في تبني مشروع قرار جزائري دعا الى وقف إطلاق النار في غزّة بعد استخدام واشنطن الڤيتو.

 

بالنسبة للمساعدات المالية والعسكرية الاميركية لإسرائيل، فإنّ هذه المساعدات قد واجهت ردود فعل عنيفة من أميركيين على صعيد مجلس الشيوخ، وكذلك من البرلمان الاميركي، وهناك الكثير من التعاطف مع الفلسطينيين ضد ما تفعله إسرائيل من قتل وتدمير في غزّة حيث لم يعد أحد يتحمّل ما تفعله الدولة العبرية من مجازر.

 

كذلك هناك ردود فعل دولية مثل كندا التي أصدرت قراراً يمنع بيع سلاح لإسرائيل… وهناك مسؤولون أميركيون كبار يعترضون على المساعدات الاميركية لإسرائيل.

 

من ناحية ثانية، لا بد من التوقف عند التناقض بالموقف الاميركي. فمن ناحية هي تدعو الى وقف إطلاق نار ومن ناحية ثانية تدعم إسرائيل وتمدّها بجميع أنواع الاسلحة التي تطلبها، بالاضافة الى مليارات الدولارات التي تدعم فيها إسرائيل وبأرقام خيالية أي بالمليارات.

 

وللتدليل على ما تلاقيه إدارة جو بايدن من مواجهات اعتراضية داخل الولايات المتحدة نذكّر بما يلي:

 

فقد فقدت آنا كاسبريان، إحدى المذيعات الاميركيات أعصابها بسبب تمويل إسرائيل وانحياز الولايات المتحدة الفاضح والواضح لها فقالت:

 

«إن كانت إسرائيل تريد استكمال جرائم حربها في غزّة، يجب أن لا تفعل ذلك بواسطة أموالنا، إذ لا يمكنكم أن تطلبوا المال من الشعب الاميركي الذي يدفع الضرائب والذي يكافح هنا من أجل حياة أفضل بوجوب تسليمه مليارات الدولارات التي جمعتها الدولة من الشعب الاميركي لإسرائيل وجيشها. إنهم يقتطعون جزءاً من رواتبكم من قبل حكومتنا الفيدرالية. أيها الاميركيون هل أنتم راضون بذلك؟ إنهم يملون عليكم أوامرهم. يأخذون أموالنا ليتابعوا جرائمهم في غزّة وضد شعب بريء وآمن. ولأنني لا أرضى بذلك، بل يثير غضبي مما تفعله هذه الحثالة وما يفعلونه لأنهم وصاة على أموالنا، فإنني أعلن رفضي التام لما يحدث. فهل نظلّ صامتين؟».

 

إلى ذلك، قال الكاتب الصحافي الأميركي المعروف كريس هيدجز، «إنه لا يوجد نزاع في القرن الـ21 بمثل بشاعة الحرب على غزّة. فمع النقص الحاد للماء والغذاء فإنّ هناك تهجير أكثر من مليون فلسطيني».

 

واستنكر دعم بلاده المطلق لإسرائيل قائلاً في قصيدة ألقاها أمام ندوة معارضة لما أقدم عليه الاحتلال الاسرائيلي في غزّة: «إنّ الولايات المتحدة لم تكتفِ بتقديم 13 مليار دولار لدعم الحرب في غزّة، بل تقوم بمنع التصويت على قرار لوقف إطلاق النار في الأمم المتحدة».

 

أضاف: «إنّ هناك قيوداً كبيرة تمارس على الصحافة الغربية، حيث يواجه الصحافيون الغربيون الذين يقومون بتغطية الأحداث بتهديدات».

 

وقال: «إنّ وصف حماس بأنها عدو إسرائيل الأوّل هو جهل إعلامي. إنّ ما يحدث في غزّة فظيع: قتل وتدمير وجوع… إنها إبادة جماعية بالفعل، وإنّ التطهير العرقي الذي يحدث في قطاع غزّة اليوم هو مشروع عمل الاحتلال الاسرائيلي منذ عقود وإسرائيل تسعى لتنفيذه. إنّ ما نراه اليوم في غزّة، ليس مجرّد ردّة فعل على أحداث 7 اكتوبر، بل هو حلم لطالما أرادت إسرائيل تحقيقه منذ وقت طويل».

 

تابع: «إنّ هناك لوبي صهيوني مسيطر بقوّة على النظام السياسي في الولايات المتحدة، وهو يقوم اليوم بأبشع جريمة لإبادة الشعب الفلسطيني في غزّة. فلا ماء ولا دواء ولا غذاء… إنه أبشع عملية قتل للأطفال، فالأطفال يموتون كل وقت أمام أعين والديهم… المعابر مقفلة والجوع قاتل».

 

أضاف قائلاً: «إنّ الدعم الأميركي الأعمى لإسرائيل ليس في مصلحة أميركا. فأميركا وإسرائيل هما مشاركان وضالعان بشكل كامل في إدامة الحرب على غزّة… والمشكلة الأكبر والأدهى ما قد يحدث لرفح».

 

وختم: «إنّ تجويع غزّة مقدّمة لإفراغه من الفلسطينيين، فالمساعدات الانسانية التي يتم الحديث عنها هدفها تفريغ المنطقة من أهلها. وهنا أتوجه الى الأطفال الذين يمكن أن يظلوا على قيد الحياة لأقول: غداً تكبرون وتفهمون ما عانيتم من جوع وقهر وحرمان».

 

أربع دقائق استغرقت قصيدة هيدجز رسمت صورة حقيقية لمأساة غزّة وما تعانيه أمام جوائز «أكاديمية 2024». فهل من يقرأ؟