IMLebanon

إنتكاسات المشروع الإيراني الإقليمي

“تصطدم عملية الإنفتاح الإيراني على أميركا والغرب والدول العربية المعتدلة التي يقودها الرئيس حسن روحاني وفريقه بعقبتين أساسيتين تمنعان حصول أي إختراق وتطور إيجابي مهم في العلاقات بين طهران وهذه الدول: العقبة الأولى هي ان أميركا والدول الأخرى في مجموعة الدول الست تتمسك بضرورة تقديم القيادة الإيرانية تنازلات جوهرية مؤلمة تتضمن وقف كل الجهود والنشاطات التي يمكن أن تسمح لإيران بامتلاك السلاح النووي، من أجل توقيع إتفاق نهائي معها يفتح صفحة تاريخية جديدة في العلاقات بين طهران والغرب. لكن القيادة الإيرانية ليست مستعدة لتقديم هذه التنازلات مما يهدد جدياً المفاوضات الإيرانية – الدولية، التي يعلق عليها روحاني أهمية كبيرة، بالفشل وبالوصول الى طريق مسدود. العقبة الثانية هي أن الدول الغربية والإقليمية البارزة والمؤثرة وفي مقدمها أميركا وفرنسا وبريطانيا والسعودية أبلغت مسؤولين إيرانيين رفيعي المستوى، في محادثات أجريت أخيراً معهم، انها ترفض المشروع الإيراني الإقليمي لتسوية النزاعات الرئيسية في المنطقة لأنه يتناقض مع مصالحها الحيوية ومع مصالح شعوب عدة ومع متطلبات الأمن والإستقرار والسلام، وان على إيران أن تتخلى عن سياساتها المتشددة وتتفهم المصالح والمطالب المشروعة للدول الأخرى وأن تمتنع عن فرض شروطها على الآخرين من أجل إنجاز تفاهمات معها تساعد على حل المشاكل الإقليمية الرئيسية. ويرفض الإيرانيون الإعتراف بهذا الواقع الصعب المتناقض مع طموحات روحاني وفريقه بل إنهم يرددون أمام حلفائهم والمقربين منهم ان “إيران منتصرة وقوية” وقادرة على إقناع الدول البارزة بمواقفها ومطالبها، الأمر الذي دفع مسؤولاً لبنانياً الى أن يقول أخيراً لوزير أوروبي ان “حزب الله” وحلفاءه ينتظرون “إنتصار” إيران في مفاوضاتها مع الدول الكبرى من أجل ممارسة الضغوط المناسبة على أفرقاء لبنانيين أساسيين وضمان إنتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية. ورد عليه الوزير الأوروبي: “هذا لن يحصل”.

هذه المعلومات أطلعنا عليها مسؤول أوروبي بارز وثيق الصلة بالإتصالات الإيرانية – الدولية وقال: “ان المشروع الإيراني الإقليمي الهادف الى إضعاف المعتدلين وتعزيز نفوذ طهران وحلفائها يواجه تحديات وعقبات جدية تعرقل تحقيقه ومردها، في الدرجة الأولى، الى وجود مقاومة داخلية قوية في الدول المعنية لسياسات إيران وتوجهاتها وأعمالها. وهذه المقاومة تلقى دعماً من الدول الغربية والإقليمية المؤثرة”. وركز المسؤول الأوروبي في هذا المجال على الأمور الأساسية الآتية:

أولاً – مشروع إيران في سوريا فشل في تحقيق أي مكاسب لها أو ضمان إنتصار حليفها نظام الرئيس بشار الأسد لأنه اصطدم بثورة شعبية حقيقية تعكس رفض الغالبية العظمى من السوريين مواصلة الخضوع لنظام متسلط مستبد يحرم أبناء شعبه ممارسة حقهم في تقرير مصيرهم من طريق إنتخابات تعددية حرة.

ثانيا – مشروع إيران في العراق فشل لأنه قام على أساس رفض تقاسم السلطة بشكل عادل ومتوازن بين الشيعة والسنة العرب والأكراد فاصطدم بمقاومة شعبية قوية سنية – كردية استغلها تنظيم “داعش” من أجل السيطرة على مناطق واسعة وتهديد البلد بالتفكك والتقسيم. ولن يستعيد العراق إستقراره ويعزز وحدته ما لم تتراجع إيران عن مشروعها وتقبل بتقاسم السلطة بين مكونات البلد.

ثالثاً – مشروع إيران في لبنان يواجه مقاومة جدية من قطاعات واسعة من اللبنانيين، لأنه يهدف الى إضعاف الدولة ومؤسساتها وتعزيز “دولة حزب الله” وحلفائه. وقد فشلت إيران في تحقيق مكاسب ملموسة لمصلحتها وهي عاجزة عن ضمان إنتخاب حليفها العماد عون رئيساً للجمهورية وعاجزة عن التصرف بالبلد كما تريد.

رابعاً – مشروع إيران في اليمن يصطدم بمقاومة داخلية واسعة، إذ ان الحوثيين حلفاء طهران الذين سيطروا بالقوة على صنعاء يشكلون 30 في المئة من السكان ولن يستطيعوا أن يحكموا وحدهم البلد بل ان عليهم تقاسم السلطة مع أفرقاء آخرين أو مواجهة خطر حرب أهلية.

خامساً – مشروع إيران في الخليج فشل في تحقيق مكاسب لطهران، إذ ان دول المنطقة متمسكة بتحالفاتها الإقليمية والدولية وبسياستها المتناقضة الى حد كبير مع سياسات طهران سواء في سوريا أو العراق أو لبنان أو اليمن أو في المنطقة عموماً.