IMLebanon

تحرّكات دراماتيكية من دون سقف في الشارع

 

 

على الرغم من الضبابية التي تحيط بملف الدعم، حيث أنه لم يصدر أي موقف رسمي حتى اليوم بوقف هذا الدعم عن كل السلع، إلا أن مصادر مطلعة على واقع هذا الملف، تكشف عن أمر واقع بدأ يُسجّل، ويُفيد بأن الآليات التي كانت معتمدة في الفترة المنصرمة، لم تعد قائمة، ولكن من دون أن يعني ذلك أن الدعم قد توقّف، لأن السلع المدعومة من دواء وقمح ومحروقات ومواد غذائية، لم تلحظ أية تغييرات دراماتيكية في الأسعار، ولو باتت «شحيحة» في الأسواق، منذ نحو أسبوعين. وبرأي المصادر، فإن كل ما يشاع عن مواعيد لرفع الدعم، وخصوصاً عن المواد الأساسية، يندرج في إطار الشائعات والحملات الهادفة إلى تحويل الأنظار عن الأزمات الفعلية التي يعاني منها الواقعان السياسي والمالي قبل الواقع الإقتصادي، وكأن هناك سيناريو موضوع مسبقاً ويجري تنفيذه بالتدرّج نحو التصعيد في الشارع، من خلال الدفع باتجاه رفع منسوب الإحتقان و»تحمية» الساحات، والتهيئة لكل ما يتم تداوله عن انفجار إجتماعي مأساوي وشيك، على خلفيات مطلبية ومعيشية.

 

وفي خضمّ هذه المعادلة المعقّدة، تتحدّث المصادر المطلعة، عن اتجاهين يتجاذبان الوضع الميداني، الأول يركّز على استبعاد الإنفجار الإجتماعي من خلال التأكيد على أن الدعم مستمر، على الأقلّ حتى إنجاز البطاقة التمويلية، والثاني يكشف عن أن حجم المعالجات لا يرتقي إلى طبيعة وخطورة الأزمة الإجتماعية التي تنذر بانفجار في الشارع، من خلال التحرّكات الشعبية والنقابية المعلنة بعد نهاية عطلة عيد الفطر. وتوضح المصادر في هذا المجال، أن هذه التحرّكات ستكون مختلفة من حيث الشكل والأهداف والفترة الزمنية المحدّدة لها، والتي ستكون مفتوحة ومن دون أي سقف زمني واضح، خصوصاً وأن التأخير في إقرار البطاقة التمويلية، وفي ضوء استمرار الإرتفاع الدراماتيكي للأسعار، سيؤدي عاجلاً أو آجلاً، إلى تآكل القيمة الشرائية للرواتب في القطاعين العام والخاص، وبالتالي، سيجد آلاف المواطنين أنفسهم في الشارع، ومن دون أية تحضيرات مسبقة.

 

وتستدرك هذه المصادر، إلى التركيز على أن ما حصل في 17 تشرين من العام 2019 الماضي، لم يكن منسّقاً بل كان عفوياً، علماً أن الواقع اليوم قد تغيّر على أكثر من مستوى:

 

– الأول : غياب العناوين السياسية والطائفية والمذهبية بعدما وحّدت المصيبة الإجتماعية كل اللبنانيين.

 

– الثاني: تراجع الدور والتأثير السابق للقوى والأحزاب والتيارات السياسية في السلطة أو في المعارضة.

 

– الثالث:يتمثّل بالقناعة التي أصبحت ثابتة لدى غالبية اللبنانيين وهي، أنهم لم يعودوا يملكون أي شيء يخسرونه، أو من الممكن أن تتم مساومتهم عليه إذا نزلوا إلى الشارع، خصوصاً بعدما تضاءلت ثقتهم بقدرة الأطراف المعنية بمواجهة الأزمات، على اجتراح الحلول، أو على الأقلّ تأمين الحد الأدنى من الإستمرارية للإجراءت المتّخذة، والتي تسمح بترقّب الإستحقاقات الدستورية التي قد تُحدث الصدمة الإيجابية المرجوّة.

 

وتخلص المصادر نفسها، إلى التذكير بأن كل ما تشهده الساحة الداخلية اليوم، كان متوقّعاً من قبل العديد من الأطراف السياسية والإقتصادية، التي سبق وحذّرت من أن انعدام المعالجات سيدفع نحو السيناريو الأسود المحدق بلبنان، وهو الإنهيار المالي، وتالياً الإنهيار الإجتماعي ثم الأمني.