IMLebanon

حل أزمة النازحين على سكة دولية.. فهل من مستجيب؟! 

في قناعة عديدين من القوى السياسية ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وضع حل مسألة النازحين السوريين في لبنان على الطريق الصحيح، بأن دعا سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وسفراء الاتحاد الاوروبي والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، الى لقائه في القصر الجمهوري في بعبدا، بحضور وزير الخارجية جبران باسيل، وسلمهم رسائل خطية موجهة الى رؤساء دولهم والأمين العام للأمم المتحدة ورئيس الاتحاد الاوروبي والأمين العام لجامعة الدول العربية.. بعدما أفاض في شرح «مخاطر استمرار النزوح، سواء السياسية او الاقتصادية او الأمنية، كما والانعكاسات التي سببتها على اليد العاملة اللبنانية، بحيث ارتفعت نسبة البطالة بين اللبنانيين على ما قال الرئيس عون الذي أكد «ان من مصلحة هذه الدول معالجة هذه المسألة تلافيا لحصول انفجار جراء المخاطر (التي عددها) لأنه سيصبح من الصعب ضبط حركة النازحين..» وطلب من المنظمات الدولية، التي تساعد النازحين عدم تخويف الراغبين منهم بالعودة الى بلادهم طالما ان هذه العودة تتم بناء لرغبتهم.. (وليس بالاكراه).

 

قطع عون الطريق أمام أي اجتهاد او تبرير كما وأمام أي مصطاد في المياه العكرة لافتاً الى ان «أمن لبنان مهم بقدر ما هو مهم أمن النازح السوري..» خصوصاً و»أن ثمة من ناطق في سوريا خارج إطار الحرب ومناطق أخرى عاد اليها الهدوء..» مشدداً على ان «ما يطالب به لبنان هو عودة النازحين الراغبين، وليس المقصود من لديهم مشاكل سياسية مع السلطة القائمة.. ليخلص مؤكداً ان لبنان «لم يعد قادراً على تحمل المزيد، وهو يطلب من المجتمع الدولي، والاسرة الدولية الاسراع بمصالحة قضية النازحين.. وليسلمهم رسائل خطية خلاصتها أنه «أصبح لزاماً على المجتمع الدولي والامم المتحدة بذل كل الجهود الممكنة وتوفير الشروطة الملائمة لعودة آمنة للنازحين.. من دون ان يتم ربط ذلك بالتوصل الى الحل السياسي..»؟!

 

لطالما كانت مسألة النازحين، ومازالت بنداً خلافيا بين الافرقاء اللبنانيين الذين توزعوا بين من يطالب بفتح قنوات تواصل مباشر مع السلطات السورية لتأمين العودة وبين من يرفض اعطاء  النظام هذه «الشرعية».. وبقيت المسألة تدور في حلقة سجالات مفرغة والكل يحاول ان يزايد على الكل.. وقد نبه الرئيس نبيه بري في 30 آب الماضي، الى ان مسألة العلاقات بين لبنان وسوريا ليست موضوع تبعيات، ولا موضوع اخلال بالاستقلال، وهناك اتفاق بروتوكولات ضامنة للعلاقة بين سوريا ولبنان، وهي دستورية وأعلى وأسمى من أي قرار..

 

دخل الرئيس عون من الباب الدولي، من دون أي ضمانات بأن رسائله الخطية هذه ستلقى الاهتمام الذي يتطلع اليه اللبنانيون كافة، خصوصاً وأن «ثمة مواقف لا تؤمن حلولاً عملية، بل تمثل وجهة  نظر..» على ما يرى الرئيس عون، لكنه لم يقطع الأمل، وهو ينتظر ان يحصل شيء في المستقبل، فيما الخطر دائم.. خصوصاً أكثر ان لبنان هو من يتعرض للمخاطر ويتلقى التهديدات.. أما متى تصل سوريا الي الحل فهو أمر في عالم الغيب وغير مضمون، حتى الآن.. وان كان لم يقطع الأمل بحل سريع..

 

جوهر موقف عون هو الخشية من الا يتمكن لينال من ان يتحمل النزوح السوري أكثر مما تتحمله حتى اليوم.. وهو لذلك طرق أبواب الدول الكبرى، الفاعلة والمؤثرة، والمؤسسات الدولية الكبرى، كما والجامعة العربية، التي لم تعد تحمل من العروبة الفاعلة سوى الاسم..

 

لا أحد يغيب عن باله ان مسألة النازحين باتت في لبنان لعبة سياسية، او مادة سياسية يومية، وكلما طالت مدة الازمة، كلما تحول ذلك الى تعزيز الخلافات الداخلية، حيث تظهر التباينات في الآراء وتتطور الى خلاف حول الاجراءات الواجب اتخاذها لحل هذه الازمة الانسانية، واعادة النازحين الى بلادهم، وهم لم يختاروا النزوح، بل فرض عليهم.. هذا في وقت يتحضر الافرقاء اللبنانيون كافة الى الانتخابات النيابية التي باتت وكأنها حاصلة اليوم لا غداً، او غداً لا بعد غد.. وما يستلزمه ذلك من خطابات ومواقف ومزايدات شعبوية، وكأن اللبنانيين لا يعرفون من هم هؤلاء؟!

 

في زيارته الأخيرة لروسيا، حرص الرئيس سعد الحريري على ان يشرح للقيادات الروسية «المعاناة الكبيرة من اللاجئين السوريين..» آملاً ان يشمل العمل على الحل السياسي بالنسبة لسوريا عودة اللاجئين في لبنان وفي كل المنطقة الى سوريا وان يكون ذلك ضمن الحل السياسي أيضاً… ما يعني في نظر عديد من المتابعين ان حل المسألة موقوف بالدرجة الاولى على قرار سياسي.. لاسيما وأن المطالبة بعودة النازحين لم تعد محصورة بالقيادات السياسية، بل امتدت الى العديد من «القيادات الروحية».. بل والدولية والرئيس عون، على ما تقول مصادر مقربة منه، لن يقف عند حد الرسائل، وهناك خطوات لاحقة سيعلن عنها في وقت قريب بعد التشاور والتنسيق مع الرئيسين بري والحريري لمواصلة الجهود لتحقيق الهدف المنشود، وهو ازالة عبء  النزوح وتوفير العودة الآمنة والسلمية للنازحين، بعيداً عن «الطوعية» او «الالزامية» – الاكراهية..» خصوصاً وأن لبنان في قناعة الغالبية من المتابعين والمطلعين على ما يجري داخل الغرف المغلقة «يمر بمرحلة حساسة جداً.. وهو يواجه عدداً كبيراً من الأزمات التي تنعكس على مؤسساته كافة، الأمر الذي يستوجب «التنسيق والمواكبة..».