IMLebanon

تعزيز قدرات الجيش في أولوية زيارة الحريري لواشنطن  

يستعد رئيس الحكومة سعد الحريري، لزيارة الولايات المتحدة الاميركية على رأس وفد وزاري متنوع، في الثاني والعشرين من تموز الجاري، يلتقي خلالها القيادات الاميركية، بهدف «تعزيز الحضور اللبناني الرسمي في عواصم القرار الدولية وايضاح صورة الواقع اللبناني على ما هي عليه والمواقف ازاء التطورات في المحيط الاقليمي واحتياجات لبنان ليبقى قادراً على الوقوف على قدميه أمام هذه التحديات المتعددة والضاغطة..

زيارة الرئيس الحريري الى واشنطن لن تكون الأولى ولا الأخيرة لعواصم القرار، وهو سيزور فرنسا في الشهر المقبل كما وسيزور موسكو اواخر ايلول بدعوة رسمية من نظيره الروسي ديمتري ميدفيديف نقلها اليه السفير الروسي في لبنان الكسندر زاسبكين، بهدف «البحث في تطوير العلاقات بين البلدين على كافة الصعد السياسية والاقتصادية والثقافية، كما وتوفير تعزيزات للجيش اللبناني الذي يواجه تحديات غير مسبوقة في خطورتها ولبنان بات في صلب اهتمامات «الجماعات الإرهابية» على ما دلت عليه التحقيقات مع الموقوفين من هذه الجماعات..

ليس من شك في ان زيارة واشنطن تختلف عن سائر الزيارات شكلاً ومضموناً، خصوصاً وأن لبنان بات في صلب اهتمامات الادارة الاميركية الجديدة، والموضوعات التي يمكن ان تتطرق اليها المحادثات متعددة وشاملة و»صريحة أكثر من اللزوم في بعضها» على ما تقول مصادر متابعة.. وهي لن تخلو من شيء من الاحراج لرئيس حكومة كل لبنان التي تضم الغالبية الساحقة من الاحزاب والقوى والتيارات السياسية، من بينها «حزب الله» والعديد من حلفائه، الذي بات مصنفاً حركة «ارهابية» وموضوعاً على لائحة العقوبات التي تعد لها الادارات الاميركية المختصة واستدعت مراجعات لبنانية..

كما وليس من شك أيضاً، في ان الاعداد للزيارة، سيأخذ وقتاً طويلاً من الرئيس الحريري، الذي يدرك صعوبة المرحلة ودقتها، بل ما يمكن ان يسمعه خلال زيارته      او يتبلغه.. لكنها في الوقت عينه فرصة بالغة الأهمية لشرح الواقع اللبناني كما هو، فما هو حاصل على أرض الواقع ليس وليد اللحظة وهو نتاج تراكمات لعشرات السنين..

اللافت ان الزيارة لم تلق معارضة او تحفظات من أي من الافرقاء اللبنانيين، والجميع يأملون في ان يوفق الرئيس الحريري في زيارته، ومعه وفد وزاري مؤلف من وزير الخارجية جبران باسيل، ووزير المال علي حسن خليل، ووزير الدفاع يعقوب الصراف وآخرين.. والجميع يدرك صعوبة المحادثات التي ستجري وما يمكن ان تصل اليه خصوصاً اذا ما اعتمدت القيادات الاميركية اسلوب الاملاءات ولم تنظر بواقعية الى الوضع اللبناني، وهم يعرفون جيداً واقع الحال في البلد وقد كان الرئيس الحريري صريحاً وواضحاً في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، باعلانه اننا «اتفقنا منذ تشكيل الحكومة على وضع المسائل السياسية جانبا، لأننا قد لا نتوصل الى التوافق حولها، ولا حاجة تالياً الى طرح مواضيع خلافية قد تسيء الى التوافق القائم داخل الحكومة..» وهو كلام عاد الحريري وأبلغه أول من أمس، لسفيرة الولايات المتحدة اليزابيث ريتشارد، في معرض الحديث عن التحضير للزيارة..

الموضوعات عديدة ومتنوعة بل وبالغة التعقيد.. والادارة الاميركية الجديدة، تولي لبنان أهمية استثنائية، وقد تعزز ذلك مع التطورات الاقليمية، خصوصاً في سوريا، وما بدأت تفرزه من تداعيات تمثلت في المواجهات العسكرية للجماعات و»الخلايا الارهابية» الموزعة في غير منطقة، وآخرها كان في عرسال.. لكنها (أي الادارة الاميركية) تضع في رأس أولوياتها واهتماماتها «حزب الله» المصنف إرهابياً والموضوع على لائحة العقوبات الاميركية، التي لم تلقَ في لبنان قبولاً وارتياحاً بالنظر الى ما ستتركه من مضاعفات سلبية وخطيرة في الداخل، ما دعا الدولة اللبنانية الى ارسال وفود رسمية نيابية ومالية الى واشنطن لرفع لبنان عن قائمة العقوبات هذه من دون ان تسفر الزيارة عن نتائج واضحة ونهائية، حيث مازالت العقوبات مادة في يد الادارة الاميركية.. وقد تعززت المواقف السلبية من «حزب الله» لانغماسه في حروب المنطقة، وتعزيز قدراته العسكرية والسلاحية ومواصلة تهديداته الكيان الاسرائيلي باستقدام عشرات بل مئات الألوف من العالمين العربي والاسلامي لقتال «إسرائيل».. وهو تهديد لم يلق لدى أفرقاء لبنانيين سوى الرفض والاعتراض.

لم تلق اعتراضات أفرقاء ولبنانيين على سلوكيات «حزب الله» الخارجة عن التوافق العام المطلوب، أي اهتمام لدى الحزب، وهو ماض في خياراته على قاعدة «الحياة او الموت».. لكن ورقة القوة في يد الحكومة تتمثل في المؤسسة العسكرية وسائر الأجهزة الأمنية، حيث يقوم الجيش اللبناني بدوره على أكمل وجه وبكفاءة عالية وبتضحيات نالت تقدير واحترام الجميع.. وذلك على رغم قدراته السلاحية المتواضعة جداً وقد تعاطى مع التطورات الحاصلة «بحكمة استثنائية ومن دون أي خطوات متسرعة..» ولم يخلط بين المدنيين من النازحين والمتورطين.. على رغم ما آلت اليه بعض مخيمات النازحين من «بيوت آمنة للارهابيين..» فمن بين الـ335 موقوفاً بينت التحقيقات وجود ما لا يقل عن أربعين من «الرؤوس الكبيرة» والخطيرة في «داعش» و»النصرة» وبعضهم له مراكز قيادية عالية في هذين التنظيمين..

سيعطي الرئيس الحريري أولوية في محادثاته مع الاميركيين لحل أزمة النزوح وتداعياتها ولتعزيز قدرات الجيش وعلى جميع المستويات «ليكون مؤهلاً لدوره المطلوب وللمسؤوليات الوطنية التي تفرض على الحكومة اللبنانية سلوك خيارات مضمونة تحمي الصيغة التي توافق عليها اللبنانيون تحت سقف الشرعية الدولية وليس تحت سقف الحروب والأنظمة والانهيارات..».