IMLebanon

ستريدا جعجع.. فخامة الرئيسة

لا أخفي أنني لا أعترف بما اصطلح على تسميته بـ»يوم المرأة العالمي» لأسباب عدّة أختصر تمحورها بالنسبة إليّ على آية قرآنيّة، ولأنّ كيان المرأة ودورها العظيم وحقوقها بات «مطحنة» تسحقُ فيها عظامها ووجودها، فأعظم تشريع مساواة بين المرأة والرّجل كرّسه قول الحقّ تعالى في القرآن العظيم }وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ{ [البقرة: 228].

كلّما عاد يوم المرأة العالمي، وبالغ العالم العربي عموماً واللبنانيون خصوصاً في الاحتفاء به، أُدرك كم نحنُ مجتمعات منفصمة في شخصيتها، إلى حدّ الإنفصال عن الواقع، وأجد نفسي واقفة أتأمّل في تجربة ستريدا جعجع  وعلى جميع مستويات هذه التجربة في «أموماتها» الكثيرة، من الأخت التي تحمّلت عبء الإهتمام بتربية إخوتها بعد وفاة والدتها فكانت لهم أمّاً، إلى أمومتها لأولاد هؤلاء الإخوة الذين تحوّلت معهم إلى أمّ وجدّة ربما، إلى زوجة أكرهت هي وزوجها على تجربة مريرة وغير مسبوقة في المجتمع اللبناني والعربي السياسي، إلى «أمومتها» المناضلة التي حملت أمانة «القوات اللبنانيّة» التي ظنّ وتمنّى كثيرون أنها ستكون أقلّ منها بكثير، وأنّها ستضيّعها على طريق المواجهة الشرسة بينها وبين نظامين أمنيّين مجرمين إرهابيّين بكل ما للكلمة من معنى، ولكنّها تفوّقت على هذه كلّها وفي كلّ تجاربها وأيضاً على المستويات كلّها.

هذه المرّة أيضاً، وجدتني لم أفقد أبداً دهشتي أمام تجربة ستريدا جعجع، وأعترف أنّ عنوان «كوني وطناً» يُشبه هذه المرأة بحذافيرها، وفي هذه الأيام العصيبة والمُرّة التي نعبرها مع لبنان أجدني متمسكة أكثر بما سبق وكتبته في مناسبة يوم المرأة العالمي في آذار العام 2013، وأجد قناعتي في أن أستعيد ما سبق وكتبته في مقالتي تلك التي حملت عنوان «ستريدا جعجع..» امرأة «لبنان» خصوصاً ما يتعلّق منه بواقعنا اليوم واختطاف حزب الله للبنان الكيان والدولة والجمهورية ورئاسة الجمهورية ومصادرته قرار اللبنانيين وهويتهم في لحظة يكاد الحزب فيها يُعلننا «الجمهورية الإيرانيّة في لبنان»!!

»لطالما حدّثني قلمي بكتابة ذاك العنوان «ستريدا جعجع رئيسة جمهورية لبنان»، لطالما تأمّلتُ في نشاطها على مستوى دورها كنائب فتيقّنتُ أنها في غضون سنين قد تجعل من بشرّي منارة الشمال، وأعترف ـ رغم جرأتي في قول قناعاتي ـ أنني تردّدتُ توجساً من «استياء» افتراضي للقائد الحكيم [كان قد أعلن ترشّحه وقدّم برنامجه لانتخابات رئاسة الجمهوريّة]، وللذكور الذين يعتقدون تفوّقهم لمجرّد أنهم ذكور، وتوجّساً من القرويين في ضيع ودساكر «المقاومة اللبنانية» ـ المقاومة الشرعية الوحيدة للبنان ـ ومن ذكور «سيدة إيليج»، ومن كلّ الذين غضبوا من سمير جعجع لأنّه «استخلف» عليهم امرأة تقودهم، وكان ذو بصر وبصيرة وخبير في التي اختارها لتشاركه الدرب الصعب.

لطالما ردّدتُ في مجالس كثيرة وأسررت للزملاء في وعورة طريقنا أنّ مرشحي لرئاسة الجمهوريّة هو «ستريدا جعجع»، لطالما آمنتُ بأن هذه السيدة تملك من القدرة ما يساوي شموخ جبل المكمل، هناك حيث كلما صعّدت بنا الطريق حدّقتُ في صفحة السماء وردّدت: «جبال العالي ما بتنطال .. وما في أعلى من جبالي»، وأغرمتُ بوطني لبنان من جديد، لو حدث ووجدنا ستريدا جعجع في سُدّة الرئاسة لعاش لبنان حقبة إعمار وازدهار وحضارة ونهضة كتلك التي عاشها مع المعني فخر الدين، ومع مقاومة سمير جعجع، ومع رفيق الحريري، هذه «البشرّاوية» تملك صلابة الجبال ورسوّها وشموخها.

وبأمانة حلم ستريدا جعجع الأكبر في «أنّْ يصبح لبنان سيِّدًا حرًّا مستقلاً بكل معنى الكلمة، وأنّ يكون السلاح الوحيد الموجود بيد الجيش الوطني، وأنّْ يتمَّ العمل السِّياسي ضمن نطاق مؤسَّسات الدَّولة، وأنّْ يتحقَق التَّناوب على السُّلطة بشكلٍ ديموقراطي وحر»، هو حلمنا أيضاً، وثقتها بنفسها بأنها «ليس لأنَّني زوجة قائد القوات اللبنانيَّة فأنا حكمًا أتعاطى السِّياسة، فأنا عندما قرَّرت دراسة العلوم السِّياسيَّة لم أكن زوجته، والعمل السِّياسي يستهويني حتَّى قبل ذلك»، هي ثقتنا بها أيضاً، أما رجاؤها بأن يكمّلها الله معها ويرزقها بطفل، فهي كانت «أمّ» نفسها وإخوتها، بعد وفاة والدتها، وأنها أم «أولاد» إخوتها، وكلّ هذه الأمومة المتكررة ستجعل منها جدّة ترى أحفادها في من كانت أمّاً لهم من دون ولادة.

أما ستريدا جعجع، فأجدُ أنني أنصفتُها في يوم المرأة العالمي فهي تضاهي نساء العالم في النضال والعمل الدؤوب، وأرحتُ قلمي من عناء إصراره في إعلان أنها «مرشحي» لرئاسة جمهورية لبنان، بعد كلّ هذا القحط الذكوري «الثامن آذاري»، وأتمنّى أن لا يغضب هذا الترشيح عزيزي القائد الحكيم لأننا في لبنان «نفخر» كثيراً بإمرأة هذا الوطن ستريدا المناضلة» [من مقالة 9 آذار العام 2013]…

اليوم، أجدني أكثر قناعة بما سبق وكتبت قبل سنوات ثلاث، بل وأجد أنّ المخرج الأكيد لأزمات لبنان الكثيرة وعلى جميع المستويات، هو في وصول ستريدا جعجع إلى قصر بعبدا بصفتها «فخامة الرئيسة» وربما أكثر من «السيّدة الأولى كما تمنّى كثيرون في لبنان والعالم العربي، وأنا من بينهم بالتأكيد.