IMLebanon

ستريدا جعجع‮ «‬فخامة الرئيسة‮» ‬أم‮ «‬السيّدة الأولى»؟

أمام هذا المشهد اللبناني المعقّد والمتجمّد على مستوى انتخابات الرئاسة اللبنانيّة، إذ في أيار المقبل يُكمل لبنان عامه الأول من دون رئيس، بوجود رئيسيْن سابقيْن هما ميشال سليمان وأمين الجميّل، ومرشّح لمنصب الرئيس أعلن برنامجه هو الدكتور سمير جعجع، ومرشّح لم يعلن ترشّحه هو العماد ميشال عون، و»مشاريع» مرشّحين صامتين «نفسن وعينن» بالرئاسة لكنّهم يغالبون إعلان هذه «الشهوة» المارونيّة المستعصية على المقاومة!!

أمام هذا المشهد يُدرك الكثير من اللبنانيين أنّ المشهد الرئاسي إن حُلّت عقدته فسيكون دور «الحكيم» و»الجنرال» فيه هو التوافق على «شخص ثالث» ليشغل منصب الرئيس، فلا حزب الله سيتراجع عن عرقلة انتخاب رئيس للجمهوريّة بادّعائه «ترشيح» عون للرئاسة الأولى مراوغة، إلى حين تبلور وضع إيران ومفاوضاتها النووية وحروبها «الشريرة» في المنطقة، وهي سابقة أن لا يعلن مرشّح ترشيحه، وسابقة لا نعرف إن كان الدستور والعُرْف يُقرّها بأن يقوم حزب «مذهبيّ» بإعلان «مرشّح» لطائفة ثانية على مستوى الرئاسة الأولى وحساسيتها المارونيّة، وعلى المقلب الآخر لن تقوم 14 آذار بالتراجع عن دعم الدكتور جعجع كمرشّحها للرئاسة، بعدما أعلن ترشيح نفسه بنفسه ووفق الأصول والأعراف اللبنانيّة…

أسْبِقُ القارئ بالقول والملاحظة، لا أكتب هذا المقال لمناسبة اليوم العالمي للمرأة، بل لأنني أعتقد ما أكتبه وبصدق شديد، وبأنني من المؤيدين وبشدّة لانتخاب «الحكيم» رئيس للجمهوريّة، بل ومن المتابعين والمؤيدين ـ بالمطلق ـ لمسيرة سمير جعجع منذ ثمانينات القرن الماضي، مع ملاحظة أنني لست بحزبيّة، ولا مواطنة لبنانيّة مسيحيّة، بل لبنانيّة مسلمة، عايشت فصول الحرب اللبنانيّة كلّها من الشطر الغربي لبيروت، ولم تكن خلالها إلا في موقع «الأغلبيّة الصامتة» التي اكتفت بلعب دور الضحايا لهذه الحرب لا أكثر، وبالرّغم من هذا التأييد، فقد حفّزني بالأمس الحديث الإذاعي للنائب ستريدا جعجع  على كتابة هذا «الهامش»، مع ظنّي غالباً أن «ستريدا» وبرغم كلّ الأدوار النضاليّة التي جسدتها في حقبة الوصاية السورية على لبنان، كان دورها الأقرب إلى قلبها ربّما هو «زوجة سمير جعجع»، وربما لا يُغريها أن نرى فيها ككثيرين، أفضل «رئيس» للبنان في هذه الحقبة الدقيقة من تاريخه، ونقول: ليس هناك من متعاطٍ بالشأن النيابي أو الوزاري أو الديبلوماسي أو العربي أو العالمي إلا ويُدرك حجم إمكانيّات هذه «السيّدة» في حدود كونها نائب، أو امرأة تمارس دوراً حزبيّاً، فكيف الحال فيما لو توّلت زمام «الرئاسة الأولى»، وأيّ نهضة ستحدثها في لبنان، بل وفي العالم العربي؟

سبق وشبّهت السيّدة ستريدا جعجع في مقالة كتبتها قبل بضع سنين بـ»بينلوبي» في «أوديسة» الشاعر الإغريقي هوميروس ـ عاش في القرن الثامن ق.م ـ وهي «رمز الانتظار والوفاء» لزوجها أُوديسيوس، و»ستريدا» تزيد وفاءً على «بينلوب» بفعل صلابتها ومواجهتها لنظاميْن مخابراتيّيْن قاتليْن، فيما «بينلوبي» كانت «حاكمة» يخطب ودّها «النبلاء» ليصلوا إلى»الحكم»، ونظنّ أنّها قادرة على اختراق «الطباقِ السميكة» لهذا الأفق اللبناني المسدود، ونرى أنّها قد تهدم «جدراناً خراسانية» تشطر لبنان إلى فريقيْن…

قد لا أوافق النائب «ستريدا جعجع» على «رؤيتها» أننا «في النهاية سنجلس على طاولة حوار واحدة مع حزب الله»، بل أظنّ أننا سنسترد من السيطرة الإيرانيّة الفظّة «الطائفة الشيعيّة المختطفة» إلى لبنان، وأنّ النهاية الطبيعة لـ»حزب إيران» في لبنان، هي لحظة نهاية مغامرة إيران المجنونة في المنطقة العربية، وبانهيار مشروعها سيكون حزب الله أول من ينهار، إلا أنني أجد في إقدامها على هذا «الطرح» شجاعة كبرى مع معرفتها من موقعها السياسيّ، أن كثيراً من اللبنانيين يئِسوا من حزب الله وسياساته و»تقيّته» ومناوراته «الحواريّة»…

وسط هذا الجمود اللبناني القاتل، أدعو جميع «الفرقاء اللدودين» في هذا الواطن، على اختيار ستريدا جعجع رئيسة للجمهوريّة اللبنانيّة، «توافقيةً على حركة لبنان ودوره»  ووفيّةً وشجاعةً وصلبةً وتحظى باحتفاء واحترام عربيّ ودوليّ، فإنْ فعلوا فإنهم سينجون بلبنان ويخرجون شعبه من عنق زجاجة اختنق من الإنحباس فيه، أليس في نهوض «ستريدا» بهذا العبء خطوة تفتح أفق لبنان على «نهضة عالية» تنتشله من الواقع المروّع الذي بلغه، وسط انتظار مميتٍ يُحدّد مصيرنا على طاولة مفاوضات نووية أو دوليّة أو إقليميّة؟!