الاختيار السياسي عملية دقيقة وتتطلب وعيًا عميقًا ومسؤولية جماعية، لأن الاختيار يتعلق بمصير الأوطان ومستقبل الشعوب، وفي هذا السياق تأتي اهمية معادلة (الاختيار والاختبار)، فإذا كان (الاختيار) السياسي يتمثل في عملية إختيار القادة السياسيين والإداريين، فإن (الاختبار) هو العملية التي يخضع فيها اداء الاختيار السياسي إلى التقييم العملي الدقيق.
الاختيار السياسي التعبير الأرفع عن حرية الارادة الفردية والمجتمعية، حيث يُمارس المواطن وممثليه الحق في الاختيار، غير أن هذا الحق يحتاج إلى الوعي الوطني والسياسي، فحرية الاختيار إذا لم تُرافقها المعرفة والقدرة على التمييز قد تؤدي إلى اختيارات خاطئة، والوعي السياسي والتقني الضامن الحقيقي لحرية الاختيار السياسي.
عملية الاختبار هي المرحلة الأكثر حساسية، فالممارسة السياسية تُظهر مدى صدق وكفاءة من تم اختيارهم، ويتم هذا الاختبار من خلال مراقبة سياسات إدارة الأزمات، ومدى قدرة القادة على اتخاذ القرارات الصائبة التي تحقق المصلحة العامة، مما يستلزم وجود مؤسسات رقابية عامة وخاصة ومجالس تمثيلية ومؤسسات إعلامية قادرة ان تلعب دورًا فاعلاً في متابعة ومراقبة وتقييم عملية الاختبار السياسي.
إن العلاقة بين الاختيار والاختبار في السياسة عملية تكاملية، فالاختيار الجيد يؤدي إلى اختبار ناجح، بينما يؤدي الاختيار السيئ إلى أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية، من هنا تظهر أهمية الوعي السياسي في بناء عملية إنقاذية حقيقية، كما أن فشل المسؤولين في اختبار الأداء السياسي يجعل المواطن يعيد النظر في اختياراته السياسية ، والاختبار الحقيقي يحتاج الى نخب وطنية ومؤسسات رقابية حقيقية عامة وخاصة.
إن مقاربة العلاقة بين الاختيار والاختبار في الإطار السياسي تكشف أن بناء الدولة الديمقراطية القوية لا يتحقق بالعملية الانتخابية وحدها، بل يحتاج إلى وعي فردي وجماعي، ومؤسسات رقابية فاعلة، وقدرة الشعوب على التقييم والمساءلة، وعندما يصبح الاختيار مبنيا على إدراك مسؤول ومراقب عبر اختبار عملي شفاف حينها يمكن ان نتوقع سياسات تحقق الاستقرار والازدهار في لبنان على قاعدة حسن الاختيار … والاختبار.