IMLebanon

المقايضة المشبوهة

 

 

 

خمسة مواقف أُعلنت، أمس، نعتبرها على قدر كبير من الأهمية، سيان أتجاهلها البعض أم توقف عندها البعض الآخر. وفي تقديرنا فإن هذه المواقف الخمسة تختصر المشهد اللبناني من غزة الى صور، على الأقل في المرحلة الراهنة، وفي ضوء ما آلت اليه المرحلة الأخيرة (الحالية من الحرب الإسرائيلية العدوانية المتوحشة على غزة).

 

أمّا تلك المواقف فهي تباعاً على النحو الآتي، كما عبّر عنها مطلقوها يوم أمس تحديداً.

 

الموقف الأوّل أصدره غبطة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة الراعي في عظة الأحد التي قال فيها: «كفى إقصاء لقصر بعبدا وإقصاء للطائفة المارونية». واضح من كلام رأس الكنيسة المارونية أن ثمة خشيةً قوية على مصير الموارنة في لبنان، واستطراداً على المصير المسيحي برمته، بعدما تمادت الحكومة، وكذلك مجلس النواب بالطبع، في «اجتياح» الموقع الماروني الأوّل، أي رئاسة الجمهورية، لـ«تمشي الحال» في غياب الرئيس وكأن لا فراغ دستوريّاً، بل في رأس السلطة التنفيذية، وعلى حساب الطائفة المارونية، التي يتعاظم الاقتناع لدى الأكثرية الساحقة من أبنائها، بأن ثمة مخططاً مدروساً، بل محكَم الدرس، ليس فقط في تهميش دورها بموجب التعديلات الدستورية، إنما خصوصاً لإلغاء هذا الدور كلياً.

 

الموقف الثاني أصدره رئيس أساقفة بيروت للطائفة الأرثوذكسية سيادة المطران عودة الذي عبّر عن اعتراضه على مبدأ مشاركة حزب الله في حرب غزة تحت ذريعة «المشاغلة» والمساندة، وهي ذريعة لا تقنع أطرافاً لبنانية عديدة ومن مختلف الأطياف اللبنانية، التي تقتنع بأن حزب الله يدخل في حرب مجهولة النتائج وأيضاً مجهولة التداعيات لأن إيران طلبت منه ذلك وليس لأي سبب آخر. وقد قال سيادته: «عندما كنا في الحروب وتحت القصف لم يمت أحد في سبيلنا».

 

الموقف الثالث جاء على لسان مسؤول الإعلام في حزب الله رداً على ما تردد عن طبخة مقايضة وهي التي يبدو أنها يعرضها أميركيون وأوروبيون غربيون وخلاصته أن الغرب الأوروبي / الأميركي مستعد لصفقة تعطي حزب الله رئاسة الجمهورية والنفوذ السلطوي الكامل في لبنان مقابل سحب قواته (وفي طليعتها قوات «الرضوان») عن حدود لبنان مع فلسطين المحتلة مقابل التهدئة في الجنوب. وعليه قال المسؤول الإعلامي في الحزب، الذي تلقف هذه «المعلومة» بالاعتراض: «لن نقايض الرئاسة بالهدنة».

 

وهذا ما عبر عن خشيته منه رئيس حزب الكتائب اللبنانية الشيخ سامي الجميل الذي يتعرض لحملة تخوين موصوفة قاسية وظالمة، فقال: «نخشى صفقة على حساب السيادة اللبنانية».

 

الى ذلك يبدو أن صحيفة «يديعوت أحرونوت» الصهيونية واسعة الاطلاع أشارت الى هذه الصفقة، ضمناً، بما أوردته، وفيه: إن ثمة بحثاً حول «هدنة مشروطة على الجبهة الشمالية»، أي الجبهة المشتعلة، مع لبنان، والمتطورة اشتعالاً وتصعيداً.