IMLebanon

دول في عين العاصفة والتوازن ما زال مفقوداً

 

نقيب محرري الصحافة

يُخطئ من يعتقد أنّ ما يحصل في الإقليم، هو مجموعة من الأحداث والتطوّرات التي لا رابط بينها. فما حصل في لبنان وبعده في سوريا، وما يتواصل من عنف في غزة والضفة، هي حلقات مترابطة يصعب فكاكها، لأنّ المحرّك واحد، والغاية باتت معروفة: إدخال المنطقة في المدار الأميركي مباشرة أو بواسطة وكيلها الحصري إسرائيل.

ما يجري في سوريا حالياً هو على درجة عالية من الخطورة، خصوصاً أنّها دخلت أو أُدخِلت «لعبة الأمم» من الباب الواسع، وأن إعتداءات إسرائيل المتكرّرة على جنوبها يُهدّد وحدتها الوطنية ويُنذر بفتنٍ داخلية فيها، في ضوء وجود 64 فصيلاً، ومؤتمر وطني غير مكتمل المشهد في غياب المكوّنَين العلوي والدرزي، وضمور المشاركة المسيحية إلى أقصى الحدود الدنيا، وانكفاء مجموعة كبيرة من المكوّن السنّي.

 

 

ويرى مراقبون أنّ حجم التمثيل الوطني التعدّدي للمؤتمر يتعدّى العشرين في المئة بقليل. ممّا يعني أنّ الطريق أمام أحمد الشرع والسلطة الجديدة ليست مفروشة بالورد، وأنّ عملاً كثيراً أمامهما لإقلاع عجلة الدولة. واللافت أنّ المؤتمر تزامن مع تظاهرات صاخبة في دمشق والسويداء ودرعا والساحل السوري، كان الجامع بينها إدانة الإعتداء الإسرائيلي ورفض التطبيع مع تل أبيب، والدفاع عن وحدة سوريا، ودعوة الشرع إلى الردّ على إسرائيل. والواضح أنّ رهانات الدولة العبرية على إحداث خرق واسع في السويداء لمصلحة شيخ طائفة الموحّدين الدروز في فلسطين المحتلة موقف طريف، لم تجِد لها أي صدى لدى أبناء الطائفة في البلدات الدرزية السورية المحاذية للحدود مع الدولة الغاصبة. وممّا لا شك فيه أنّ التهديدات الإسرائيلية بتنفيذ «ترانسفير» جديد لفلسطينيي القطاع والضفة إلى كل من مصر والأردن لا تزال قائمة بدعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب المباشر.

 

وعلى رغم من التحرّك الواسع والاجتماعات التي تعقدها المملكة العربية السعودية على المستويَين الدولي والعربي لإحباط هذا المخطط وإسقاطه قبل أن يسلك طريقه إلى التنفيذ، فإنّه يسير في خطى حثيثة ويَشق طريقه، ولو بصعوبة، ليصبح أمراً واقعاً لا مفرّ منه. وإنّ هذا المشهد في كل من سوريا وفلسطين المحتلة لا يشي بأنّ المنطقة مقبلة على حال من الاستقرار، التي عادة ما تقوم على توازن إقليمي له إمتداداته الدولية، ومثل هذا التوازن غير متوافر حالياً ولن يكون متوافراً في الأمد المنظور، ما يعني أنّ عدداً من دول المنطقة ستبقى في عين العاصفة وقلبها، لكنّ العاصفة ستطاول لبنان بوتيرة أقل قسوة بعد كل ما عاناه من أهوال الحرب الإسرائيلية عليه، ولو توقف المدفع، ولو أنّ اللبنانيِّين قرّروا – على اختلاف توجّهاتهم وتمَوضعهم – عدم الوقوع في فخ أي استدراج يمكن أن يؤدّي إلى صدام، في ظل جاهزية الجيش لحماية السلم الأهلي.

 

 

على أنّ الاستقرار السياسي سيبقى هشاً إلى حدٍ ما، لأنّ ثمة أموراً خُتِمت على «زغل» سواء في ما شاب تشكيل الحكومة من تجاذبات واستمرار لغة التحدّي لدى جميع الأطراف، وعدم صفاء النيات، وتزامن كل ذلك مع قرب استحقاقَي الانتخابات البلدية والنيابية التي يصعب التكهّن في نتائجها منذ الآن، لكنّها ستكون بطبيعة الحال مؤشراً إلى المستقبل، وما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع.