IMLebanon

سوريا… لم يحن أوان التسوية

لا يحين أوان التسويات للحروب الأهلية ما دام الأطراف المحليون يرون أنفسهم قادرين على الانتصار وتحقيق غاياتهم بالوسائل العسكرية، فكم بالحري إذا ما كان هؤلاء الأطراف المعاندون لإيجاد تسوية سياسية لا يزالون يحظون بدعم إقليمي تمويلاً وسلاحاً؟ والحرب السورية ليست شواذا عن هذه القاعدة على رغم ان ثمة رغبة أميركية – روسية في “الحل السياسي” ولكن لا يبدو ان ثمة قدرة على فرض هذا “الحل” على الداخل السوري.

في مجرى هذا السياق للاحداث لا يعود مستغرباً تعثر صيغة جنيف والعودة الى الميدان في محاولة لحسم صراع أكثر تعقيداً بكثير مما تعتقد واشنطن وموسكو، فلا “التناغم” الذي دعا إليه الرئيس الأميركي باراك أوباما مع الروس كاف وحده، كي يقنع تركيا ودول الخليج العربية بأن أوان التسوية السياسية قد حان في سوريا، ولا دعوة الكرملين الى مراقبة دولية على الحدود التركية – السورية بالأمر المتاح. ولم يكن من قبيل المصادفة أن تظهر الصواريخ المضادة للطائرات من طراز “اف أن – 16” على أكتاف مقاتلي المجموعات السورية المعارضة وقت إنعقاد آخر جولات جنيف.

ويمكن أن يقرأ الموقف الاقليمي المعارض للتسوية السياسية، ليس من خلال تزويد المعارضة السورية أسلحة جديدة نوعية، بل يجب التدقيق جيداً في ما قاله منسق وفد الهيئة العليا للمعارضة رياض حجاب في معرض تبريره للانسحاب من جنيف ألا وهو أن التسوية غير ممكنة مع بقاء الرئيس السوري في الحكم بأي صيغة من الصيغ، وذلك رداً على إقتراح المبعوث الاممي تعيين ثلاثة نواب للاسد من المعارضة على ان يتنازل لهم عن بعض صلاحياته.

ما تريده المعارضة السورية أو هؤلاء الأطراف الداعمون لها ولا سيما منهم الاقليميون، هو سوريا من دون الاسد. ولأن هذا هدف من المستحيل أن يتحقق من طريق المفاوضات سواء في جنيف أو في غيرها، فإن الحرب السورية لدى المعارضة وداعميها الاقليميين لم تحقق غرضها بعد.

وهنا تتبدى محدودية الضغط الأميركي – الروسي للتقيد بوقف الاعمال العدائية او للمضي في حوار جنيف. إذن هي حرب من أنواع الحروب التي لم تستنفد أغراضها بعد، على رغم كل التحذيرات من المخاطر المترتبة على إستمرارها سواء في صعود التنظيمات الارهابية أو في امتداداتها على دول الجوار وحتى على أوروبا.

لذلك لا يعود مستغرباً تعثر جنيف والعودة الى الميدان لتحسين الشروط السياسية. ولا يكفي أن تقتنع روسيا وأميركا بـ”الحل السياسي” وإنما المطلوب أن يقتنع الأطراف المحليون ورعاتهم الاقليميون بذلك أولاً.