IMLebanon

الدّستور السوري «الروسي»!

بيان «أستانة» الختامي لا يُقدّم صورة واضحة للحرب السوريّة وما ستؤول إليه، وليس هو الخبر الحدث في مصير الأحداث في سوريا، الخبر ـ الحدث فعلاً هو ما تناقلته وسائل الإعلام وأعلنه الكسندر لافرنتييف موفد الرئيس الروسي الى سوريا في ختام محادثات استانة، إذ أبلغ الصحافيين أنّ «روسيا قامت بصياغة مسودة دستور لسوريا وسلّمت نسخة منها إلى المعارضة وأنّ مسودة الدّستور هذه أعدّها خبراء روس من أجل تسريع العملية»!!

لا مفيد ولا جديد في مؤتمر «أستانة» سواء تكرار تلك الجملة المملّة «لا يوجد حل عسكري للنزاع في سوريا، وأنه من الممكن فقط حله عبر عملية سياسية»، في آذار المقبل تنهي الحرب السوريّة عامها الخامس، معظم مناطق سوريا مدمّرة والحلّ سياسي، في 30 أيلول من العام 2015 دخلت روسيا الحرب السوريّة وأزال طيرانها مدناً وقرى بكاملها والحلّ في سوريا سياسي، في الخامس عشر من كانون الثاني الماضي عام 2015، وضعت الأمم المتحدة تقديرات تشير إلى أن أكثر من 220 ألف إنسان لقوا حتفهم في الحرب السوريّة، وفي الذكرى الخامسة لاندلاع الثورة السورية، بلغت حصيلة الضحايا المدنيين على يد نظام بشار الأسد 183827 قتيلاً مدنياً وفق إحصائية الشبكة السورية لحقوق الإنسان، بينما سجل نزوح 6.9 ملايين مواطن داخل البلاد، وهرب من الحرب 6.5 ملايين للخارج، وقدّرت مجموعة أوكسفورد للأبحاث أن قرابة 420 ألف طفل قتلوا في الصراع بحلول أواخر تشرين الثاني 2013، وما زال كلّ المنخرطين في قتل الشعب السوري يرددون أنّ الحلّ في سوريا سياسي!!

المضحك المبكي في بيان «أستانة» الختامي أنّه يلحظ إنشاء آلية ثلاثية بين روسيا وتركيا وإيران لمراقبة وقف إطلاق النار في سوريا، إذ كيف يراقب من يطلق النار ويقصف بالطائرات وقف إطلاق النّار؟! والمضحك ـ المبكي أن إيران وروسيا وتركيا «تحثّ المجتمع الدولي على دعم العملية السياسية من أجل سرعة تنفيذ كل الخطوات المتفقّ عليها في قرار مجلس الأمن 2254»، يشبه هذا الكلام في عموميّته ذاك الكلام الذي سمعناه كثيراً في عام الحرب السوريّة الأول فبعد خمسة أشهر من اندلاع الثورة كان العالم مكتفياً بإدانة القمع والدعوة إلى الإصلاحات وأعلنت فرنسا وبريطانيا وألمانيا والاتحاد الأوروبي وكندا والولايات المتحدة الأميركية في وقت واحد أنّ على الرئيس السوري بشار الأسد التنحي على الفور بعدما «فقد شرعيته بالكامل»، وها هو بشّار الأسد قابع في قصره مع أحاديث عن مرضه والتشنّج في عينه اليسرى، مع ما تبقّى على انتهاء ولايته الرئاسية الثانية، وباستطاعة كلّ المؤتمرات الانتظار والحروب الاستمرار، كلّ هذا لن يغيّر حرفاً من تمسّك بشّار وعائلة الأسد بالحكم حتى ولو أبيد الشعب السوري كلّه.

قد يكون أفضل من اختصر البيان الختامي لمؤتمر «أستانة» هو عضو وفد التفاوض أسامة أبو زيد، الذي قال «إنّ البيان الختامي هو بين إيران وتركيا وروسيا ولا علاقة لنا به وما تم الإعلان عنه هو بيان ثلاثي «وليس ختامياً»، للمفارقة هذه هي الحقيقة، وآلاف المرتزقة الذين أرسلتهم إيران من شيعتها في العالم، ومرتزقة «داعش» المتقاطرين إلى سوريا عبر الحدود التركيّة، يؤكّدون أن الحرب السورية مستمرّة!!