IMLebanon

Format والسّلام!  

 

العالم على الرغم من تنقّل بعض سفرائه في الدّاخل اللبناني، إلا أنه لا يزال يرثي لحال اللبنانيّين ووضعهم المالي والاقتصادي والسياسي المتدهور مصحوباً بصدمة تعتري هذا العالم لما يراه من استهتار الحكّام في لبنان وإمعانهم في قتل بلدهم وشعبهم من أجل مصالح شخصيّة دنيئة!

 

المعركة في مكان آخر أبعد من إيران والسعوديّة ، المعركة بين المعسكرين التقليديّين الأميركي والرّوسي، لبنان “فتفوتة” أمام “باخموت” وإن صحّت توقعات النّاتو الأميركي في الأيام المقبلة سيتغيّر مسار الحرب في أوكرانيا، وسيبقى المسار في لبنان على حاله وزيارات سفراء حركة بلا بركة، وإذا أردنا استعادة المشهد اللبناني منذ سبعينات القرن الماضي على الأقل منذ العام 1973 والبلد على حاله ودائماً في حالة انقسام ولا يزال حتى الآن تتغيّر فيه  المعطيات والأسباب والأسماء والوجوه ـ وللمفارقة بعضهم أباً عن جدّ يتوارثون الشّعب ـ ويبقى الانقسام على حاله، وكلّما اشتدت الأزمات “بلطج” الزعماء على بعضهم البعض ولجأوا إلى فريق غريب يتأرجح غالباً بين محورين يتنازعان المشهد اللبناني المنقسم، منذ أوّل رئيس جمهوريّة بعد الاستقلال والرئاسة الأولى وجعة راس، منذ بشارة الخوري، لا يمرّ عهد إلا ورئاساته الثلاث تغرق البلاد في بحور من الاضطراب، تارة يلجأون إلى مصر وجمال عبد الناصر، وتارة يلجأون إلى ياسر عرفات ويستقوون بالسلاح الفلسطيني، وتارة ثالثة يلجأون إلى السوري ويظلّون جيئة ورواحاً على طريق دمشق الدولي وهذه فعلها المسيحيّون قبل المسلمون في حرب السنتيْن، وبعد انتهاء الحرب كلّما حرد ركن من الترويكا سارع إلى سوريا “ليفتن” على الباقين، وكانت كلّ رئاسة من الرئاسات تستقوي على الأخرى بالسوري ليحكم بينهم، بشفافيّة نصارح أنفسنا يبدو اننا فعلاً شعب قاصر عاجز عن حكم نفسه، لا يعرف من الديموقراطيّة إلا التعطيل وفركشة سير الحياة السياسيّة والزكزكة والحرتقة من دون أدنى ممارسة حقيقيّة للحكم، على الأقل هذه الحقيقة الجارحة التي لن تتغيّر، لبنان بحاجة إلى “فرمتة” كما يقولون في لغة الهواتف الذكية والكومبيوترات، يجب أن تأتينا دولة ما تقعد عنّا كم سنة أو كم عقد “وتصلّح السيستيم” البلد بدّو Format والسّلام!

 

هذه هي الحقيقة، أفضل من اختصر واقع لبنان وبشفافية وصدق هو الرئيس الرّاحل الياس الهراوي منذ واحد وثلاثين عاماً ـ في معرض تبريره ضرورة بقاء الوصاية السوريّة ـ عندنا قال: “نحن لا نزال شعباً قاصراً لا نستطيع حكم أنفسنا”، ونظرة على لبنان منذ الخمسينات حتى اليوم نرى أنه لا يزال الحال على ما هو عليه، وبدون “فرمتة” هذا النظام سيبقى الحال على ما هو عليه!