IMLebanon

الحرب السوريّة والتجربة اللبنانيّة  

عند منتصف ليل الخميس الأخير من العام 2016 دخل اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا المدعوم من روسيا وتركيا حيز التنفيذ في أحدث مسعى لإنهاء إراقة الدماء المستمرة منذ قرابة ستة أعوام، ولكن.. السؤال الذي طرحناه أواخر العام الماضي بُعيْد إعلان هدنة في شمالي حلب في شهر أيلول الماضي وانتهى الحال بسقوطها ولاحقاً سقوط شمالي حلب عن بكرة أبيه وتنظيم خروج المدنيّين والمسلّحين منها، نفس السؤال ما يزال صالحاً لنطرحه اليوم بعدما توقف صوت الطيران الروسي وطيران النظام عن الهدير في السماء السورية، هل دخلت الحرب السوريّة في «اللبننة»؟!

بالتأكيد ما زلنا عند رأينا بأنّ بشّار الأسد «صليب» سوريا وشعبها في مدّته الرئاسية الثانية التي بدأت عام 2012 ومن المفترض أن تستمرّ حتى العام 2019، ولكن هل هناك أملٌ ما بأن يزيحه الاتفاق الروسي ـ التركي، رجب طيّب أردوغان «مش ملحّق» على الضربات الإرهابيّة التي تستهدف بلده، وقبل هذا الاتفاق سقط اتفاقٌ استغرق إعداده أشهراً عديداً ووقعه الطرفيْن الأميركي والروسي، وسقط قبل أن يترجم أو تكشف وثائقه وملحقاته السريّة التي أُعْلِنَ يومها أنّها ستبقى سرّية حماية لها حتى لا يتمّ التخريب على تنفيذها!!

هل دخلت الحرب السوريّة في اللبننة؟ ثمّة طرفة جرى تداولها مع إعلان دخول وقف إطلاق النار في سوريا كلّها قبل أيام قليلة مفادها أنّ النظام السوري طلب دخول عشرة آلاف جندي من الجيش اللبناني لحماية وقف إطلاق النار وحماية دمشق والطرفة «تندّرٌ» لبناني ساخر عن «الزمن الدوّار» فاللبنانيّون الذين عانوا الأمرّين من الإحتلال السوري الذي دخل مقنّعاً عام 1976 تحت عنوان «جيش التحرير الفلسطيني» وحرب السنتين التي امتدت بين ١٣ نيسان ١٩٧٥ و٢١ تشرين الأوّل ١٩٧٦ تاريخ اتفاق وقف إطلاق النار وقرار مؤتمر الرياض إرسال قوات ردع عربية «السيّئة الذِّكْر»!

لا يختلف كثيراً اتفاق العرب عبر المؤتمر السداسي المنعقد في الرياض في 16 تشرين الأول 1976 بمبادرة من السعودية والكويت، وهو مؤتمر طارئ ضم ست دول عربية فقط هي: السعودية، ومصر، وسوريا، والكويت، ولبنان، ومنظمة التحرير الفلسطينية، والذي أقرّ ما اتفق عليه وزراء الخارجيّة العرب في القاهرة في آذار من العام نفسه، لا يختلف أبداً عن الاتفاق الروسي ـ التركي، وتركيا اليوم وهما اللاعبان الأساسيّان فيما الإيراني مجرّد كومبارس دوره لم يحسم الحرب ولم يغيّر مجراها!!

ربّما تنوب تركيا اليوم ـ للمفارقة ـ عن «كلّ العرب» العَجَزَة وحالهم مبكٍ ومرير، ولن يختلف كثيراً إجتماع أستانة عن انعقاد مؤتمر الرياض، الذي خَلُص في خريف العام 1976 إلى إعلان «وقف إطلاق النار والاقتتال نهائياً في كافة الأراضي اللبنانية والتزام جميع الأطراف بذلك»، أذكرُ ذلك الخريف جيّداً بعد انقطاع عاميْن بسبب الحرب عدنا إلى مدارسنا مع الشتاء عندما كنت أستعد للانتقال للمرحلة المتوسطة بعدما أنهيتُ تعليمي الابتدائي على عتبة اندلاع الحرب، ومع هذا اندلعت حروب كثيرة لاحقاً ولم تتوقّف الحرب إلا مع العام 1990 كنت في تعليمي الجامعي العالي وقتها… نعم الحرب السوريّة دخلت في اللبننة، ووحده الله يعلم كيف سينحرف مسار هذه الحرب بعد وكيف ستضع أوزارها.