قد يكون سير المعارك العسكرية في سوريا لمصلحة نظام بشار الاسد، لكن ليس في وسع أحد الزعم ان النتائج على الارض ستبقى على ما هي عليه، لاسيما ان التورط الروسي في الحرب يؤكد أن لا مجال لأن يستمر الاسد في موقع من يقدر على احتواء الازمة لوقت طويل، خصوصاً ان موسكو عندما أسهمت في الدفاع عن السلطة في سوريا، كانت ولاتزال تعرف ان وجودها العسكري على الارض السورية يحتاج الى أكثر من اتفاق مع بشار الاسد، الغارق حتى أذنيه في صراع اقليمي – دولي من الصعب توقع نهاية قريبة له (…).
صحيح ان الحرب ليست مجرد طائرات ومدافع وصواريخ بل هي حال اقتصادية – مالية من المستحيل ان يستمر الصرف عليها بالكلام وحده، لأن الروس يحتاجون الى أموال من المستحيل ان تصلهم من النظام السوري، او من خلال ما تتبرع به ايران عسكرياً وماليا، الى جانب ما يقدمه حزب الله من دعم واضح وصريح الى جانب الايرانيين (…) والأصح من كل ما تقدم ان الحرب في سوريا مرشحة لأن تتطور الى ما يشبه الحرب العالمية في حال ارتكاب هفوة من جانب طرف ثالث ليس من يستبعد ان يكون أميركا، او أي بلد أوروبي قادر على التكشير عن أنيابه لسبب او لآخر؟؟
وليس من ينسى كيف كان حال النظام السوري في بداية الحرب، وتحديداً يوم هددت واشنطن بأن يكون لها دور فيها، حتى وان كان المقصود ضرب أهداف عسكرية – اقتصادية ما دفع العالم الى حد ترقب انهيار النظام بين يوم وآخر، غير ان تراجع الاميركيين عما هددوا به ودخول ايران وحزب الله في المواجهة العسكرية وبعدها دخول الروس بقوة في مجال تأديب المعارضة، كل ذلك أدى الى انكفاء المعارضة السورية التي لم تتعلم الى الآن كيف تتوحد ولا هي في هذا الوارد، طالما ان كل طرف فيها يتطلع الى ان يرث جلد الدب قبل صيده.
أما وقد تحول الروس الى لاعب أساسي في الحرب السورية الى جانب الايرانيين وحزب الله، فإن المشكلة الروسية تطورت الى حد عدم استبعاد القضاء على المعارضة السورية في مختلف أوجهها، فضلاً عن حصول المزيد من التورط العسكري الروسي الى حد اعتبار سوريا من ضمن أملاك موسكو التي لم تتأخر عن دخول الحرب بصورة يكمن ان تسمح لنظام بشار الاسد بأن يقف مجدداً على رجليه، إلا في حال اختلفت الحسابات على الارض وتطورت الحرب بالشكل الذي يسمح للاميركيين بدخولها، من غير حاجة الى استبعاد حصول خطأ فادح من أي جانب خارجي يتيح اشعال حرب عالمية؟؟
هذه ليست مجرد توقعات من شأنها تخويف طرف على حساب طرف ثالث، لاسيما ان المحيط السوري (العراق والاردن وتركيا) في صلب المشكلة العسكرية – الاقتصادية التي يمكن ان تساعد في مجال تهيئة أجواء الحرب وليس العكس، فضلاً عما هو سائد في اليمن حيث تنشط آلة الحرب الاميركية – الايرانية المرشحة ان تصل الى حد مواجهة عسكرية ليست مستبعدة، خصوصاً ان الايرانيين يجدون الظروف مناسبة لهم لمواجهة أي تحرك عسكري أميركي كما حصل في الساعات القليلة الماضية في منطقة باب المندب، حيث تشعر طهران ان الظروف الاقليمية والدولية تساعدها في أية حرب يمكن ان تنشب بصورة أوسع؟!
وفي عودة الى الحرب في سوريا، فإن المناخ العسكري السائد يشير صراحة الى ان الروس قد وطدوا اقدامهم هناك من خلال انشاء مراكز قتالية تشجعهم على فعل ما يريدون باستثناء السماح بإسقاط الاسد، خصوصاً ان لا مجال أمام المعارضة يسمح لها بأن تزيد من ضغطها على قوى النظام، هذا في حال لم تتطور الأمور باتجاه تورط الاميركيين في حال حسموا أمرهم في هذا الاتجاه او ذاك؟!
المهم في هذا المجال ان اللبنانيين منشغلون بمشاكلهم الداخلية ما يمنع عليهم أي تأثير في مجرى الحرب السوري، باستثناء ما هو مرتبط بتورط حزب الله بالقرار الايراني الذي لا يسمح لأي شيعي بأن يكون خارج نطاق الحرب؟!
ومن وجهة نظر أخرى، فإن أوروبا الغربية الغارقة في مشاكلها الاقتصادية فإنها غير مؤهلة لأن تسأل الروس عما هم بصدده طالما ان نصيبهم من الحرب الدائرة في سوريا يقتصر على مساعدة النازحين المنتشرين في لبنان وتركيا والاردن من غير حاجة الى مجرد بيانات دعم من دون طعم ولا رائحة؟!