IMLebanon

ارتفاع منسوب الخطر التكفيري على مسيحيي لبنان

ما حملته حركة بعض الدبلوماسيين في بيروت بالإضافة إلى المشاورات التي أجراها مؤخرا بعض المسؤولين اللبنانيين خلال زياراتهم الخارجية في الأيام الماضية القليلة ، قد اكدت بما لا يحتمل أي تأويل على أن الملف الرئاسي اللبناني سيكون أحد أهم المواضيع المطروحة في عواصم القرار الدولية والإقليمية الفاعلة والمؤثرة في الوضع اللبناني، حيث هناك معطيات عديدة تقول مصادر ديبلوماسية على أن المجتمع الدولي حريص على توظيف المفاعيل الإيجابية للإتفاق النووي من أجل انهاء حالة الشغور الرئاسي وذلك بخلفية منع تدهور الأوضاع في لبنان وتعزيز وترسيخ المظلة المحلية والإقليمية والدولية التي تحيّد الساحة اللبنانية عن لهب البراكين المشتعلة في المحيط والجوار، وبخلفية أيضا أن المجتمع الدولي حريص جدا خلال هذه المرحلة في الحفاظ على الموقع المسيحي الأهم في لبنان وكل المنطقة العربية.

واشارت المصادر الى انه «ما بعد الإتفاق النووي لن يكون كما قبله» هي جملة تتردد بقوة في الكواليس السياسية والدبلوماسية والعسكرية والأمنية، والمعنى السياسي لهذه الجملة يعني بأن هناك أولوية دولية وإقليمية مشتركة جديدة ستتقدم على كل ما عداها من أولويات في المنطقة بعد الإتفاق النووي، وهذه الأولوية المشتركة هو أولوية محاربة واستئصال الإرهاب الذي عم كل أرجاء المنطقة العربية من وراء عباءة ما سمي بانطلاق ما سمي بالربيع العربي الذي تحول إلى ربيع تكفيري دموي يرفع الرايات الدينية السوداء لتبرير قتل وتهجير وسفك دماء المسيحيين وغيرهم من الأقليات والإعتداء على أعراضهم ومحو تاريخهم وحضارتهم وخصوصيتهم. وبناء على ذلك وبحسب المعلومات الدبلوماسية فإن هذه الأولوية الدولية والإقليمية في المنطقة بعد الإتفاق النووي سيكون لها ترجمة عملية ومباشرة في لبنان من خلال انجاز الإستحقاق الرئاسي الذي يعيد الرئيس المسيحي الماروني إلى القصر الجمهوري في بعبدا.

المصادر لفتت الى انه في ظل احتدام الأزمة الحكومية العاجزة عن إيجاد الحلول الناجعة لبعض الملفات الاساسية كالتعيينات العسكرية على سبيل المثال، فإن البديل عن الانتخابات الرئاسية اليوم في لبنان يعني جر البلاد أكثر نحو عين عاصفة الصراعات الدولية والإقليمية المحتدمة عسكريا و أمنيا وسياسيا على أكثر من ساحة في المنطقة وخصوصا على الساحة السورية التي تعاني من قسوة وإجرام الإرهاب التكفيري الذي وصل إلى جرود لبنان البقاعية كما نجح في التغلغل داخليا في بعض المناطق اللبنانية الحاضنة والمتفاعلة مع الفكر التكفيري المتطرف. فالحكومة السلامية قد أدت قسطها في إدارة البلاد وقد باتت اليوم ليست فقط عاجزة عن الإستمرار بل أيضا قد اصبحت جزءاً من الأزمة بعد أن استنفدت صلاحيتها على ضوء ما وصلت إليه الأمور من صدام وتوترات ومواجهات بين مكوناتها الرئيسية.

وهذا ما يعني بحسب المصادر عينها بأن الأوضاع في لبنان باتت في حاجة ملحة إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية قادر على إعادة الإنتظام إلى عمل المؤسسات الدستورية وصون سيادة وحرية واستقلال لبنان الكبير ضمن حدوده الجغرافية التاريخية التي حددتها اتفاقية سايكس – بيكو، وفي الحفاظ على الحوار الجاري بين حزب الله – وتيار المستقبل كحاجة ضرورية ملحة للحفاظ على أمن واستقرار لبنان وسلمه الأهلي سيما أن الشارع اللبناني لا يزال يغلي بالتوترات والعصبيات والاحتقانات المذهبية السنية – الشيعية التي تهدد الساحة اللبنانية المتأثرة بالحرب السورية الضارية بإنزلاق الساحة اللبنانية الهشة نحو الفتنة المذهبية السنية – الشيعية ونيران الفوضى التكفيرية التي تتهدد بالدرجة الأولى وجوديا المسيحيين في لبنان.

وشددت المصادر على ان النقطة الأساس التي يجب أن تكون موضع الاهتمام من قبل كافة الأطراف والقوى هي بضرورة التنبه بأن هناك جهات وقوى مازالت ترغب بجر لبنان نحو الحرب الدائرة في سوريا، ولعل ما يطلق من مواقف تحريضية طائفية ومذهبية وما يجري من حراك حاضن للإرهاب التكفيري على الساحة اللبنانية يحمل في طياته وأبعاده رسالة واضحة بأن هناك من يقدم الذرائع المجانية والعبثية للمشروع الصهيوني – التكفيري لتدمير وضرب كل لبنان ضمن سياق تحقيق أهداف بعض القوى الإقليمية التي تعمل بعد الإتفاق النووي الإيراني إلى توسيع دائرة النار وفتح جبهات جديدة في المنطقة باتجاه لبنان وغيره من دول الجوار .

وتتابع بأن هناك الكثير من المعطيات السياسية والأمنية والإستخباراتية التي تشير بكل وضوح على أن متحولات المنطقة وتطوراتها المتسارعة لا تدل سوى على ارتفاع منسوب الخطر التكفيري القادم على مسيحيي لبنان وكل المنطقة العربية، وهذا ما يتطلب من جميع دول المنطقة وعلى راسها لبنان أن تحزم أمرها في اتخاذ الموقف السياسي والشعبي والعسكري الحازم ليكونوا جزءاً أساسيا وفاعلاً في المعسكر الدولي والإقليمي الجديد الذي ستتبلور صورته الواضحة بعد الإتفاق النووي خلال الأشهر القليلة القادمة. خصوصا أن مواقف الشجب والاستنكار والإدانة التي تصدر عن بعض الدول والمرجعيات العربية السياسية والروحية لم تعد كافية بحد ذاتها لإضفاء الطمأنينة على نفوس الأقليات والمسيحيين في لبنان والمنطقة العربية إزاء المشهد المأساوي المتنقل من بلد إلى آخر في المنطقة والذي يكشف عن مدى البربرية والوحشية لدى التنظيمات الإرهابية التكفيرية التي تتهدد المسيحيين الأبرياء بأرواحهم وكنائسهم وشعاراتهم وأملاكهم وأرزاقهم.خصوصا أن مواقف الشجب والاستنكار والإدانة لم تمنع في يوم من الأيام في أن يكونوا الأقليات و المسيحيون ضحية الصراعات العربية – العربية أو الصراعات الإسلامية – الإسلامية على اطلاقها سواء في العراق وفلسطين وسوريا ومصر والأردن ولبنان وغيرها من الدول في كل أرجاء المنطقة ، كما أن مواقف الشجب والاستنكار والإدانة ولم توقف الجرائم الوحشية التي ترتكب بحق المسيحيين والأقليات التي بدأت من أرض العراق التي شهدت حرق وسرقة للكنائس والأديرة واضطهاد وتهجير منهجي لمسيحيي العراق باتجاه الدول المجاورة أو أوروبا والتي لم ولن تنتهي بمشهد ذبح تنظيم الدولة الإسلامية تحت الرايات الإسلامية السوداء المئات من المسيحيين الابرياء تحت عنوان رسالة موقعة بالدماء إلى أمة الصليب ووعد بدخول روما مع ما تمثل من رمزية تاريخية و روحانية وإيمانية للمسحيين والديانة المسيحية في كل هذا العالم.