IMLebanon

صراع «التيار» و«القوات» على أرض الاغتراب

 

 

يتفق الجميع، تقريباً، على «ان لبنان يمر هذه الايام، بأوضاع استثنائية خطيرة جداً… باتت تدق أبواب مصيره بالذات».. ما يستلزم على ما يقول المطارنة الموارنة ان «يتقيد العمل الوطني والسياسي بوجوب التضامن الشامل والجامع من أجل انفاذه… خصوصاً وقد أثبتت التجارب «ان سياسة المصالح والمحاصصة لا تؤدي إلا الى استنزاف مقدرات الوطن…».

 

تحضر الانقسامات العامودية المسيحية – المسيحية، بنداً أساسياً في مواقف البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي… وهو يضع في أولويات عمله، تحقيق مصالحة بين «الافرقاء السياسيين المسيحيين»، وعلى وجه الخصوص «التيار الوطني الحر»، و»القوات اللبنانية».

 

ليس خافيا على أحد، ان «التيار» بقيادة رئيسه (الوزير السابق) جبران باسيل، كما «القوات» بقيادة سمير جعجع، يسعيان، كل من موقعه ومصالحه وارتباطاته، الى تعزيز حضورهما السياسي وغير السياسي، في الداخل اللبناني، كما مع الجاليات اللبنانية في الاغتراب.

 

وفود قيادية من الفريقين، لا تنقطع عن زيارة الدول التي تحتضن المغتربين اللبنانيين، منذ سنوات وسنوات… وقد يكون من السابق لاوانه الحديث عن نتائج في المدى القريب، خصوصاً وان المغتربين، على وجه الخصوص، يحملون في ذواتهم خيارات سياسية وغير سياسية، تأقلمت بعض الشيء، مع الواقع الاغترابي، وقوانين كل دولة من هذه الدول…

 

لم ترق اتصالات البطريرك الراعي، الى مستوى «الجدية» ولم تحظ بايجابية… حيث كل فريق يريد ان يرفد مؤسساته الحزبية بالامكانات السياسية والمالية، ويفتح افقاً واسعاً أمام تنظيمه الحزبي وتوسيع دائرته التي يمكن استخدامها وتوظيفها من أجل بلوغ الاغراض والغايات التي يتطلع اليها، وقد وضع البعض هذه المسألة في مرتبة الاولويات، على رغم ما أثارته من اشكالات في العلاقات والاتصالات…

 

يرى قياديون في التنظيمين («التيار» و»القوات») ان احزاباً عديدة سبقتهم الى ذلك، وان ما يحصل من ردود فعل يتعدى السجالات الكلامية التصعيدية، بعيداً عن الحوارات الهادئة وسياسات التواصل وترميم العلاقات، مع ما يتطلبه ذلك من هدر كبير للامكانات المادية، على قلتها… من دون ان يعني ذلك هدراً لأنشطة حزبيين من أحزاب سياسية – عقائدية أخرى، تعمل جاهدة لتعزيز دورها ومكانها بعيداً عن الاسلوب التعبوي والتحريضي المبني على مخاوف طائفتيه.

 

بخلاف التنظيمين اعلاه، فإن القضايا الوطنية والعربية حاضرة في اذهان وأنشطة العديد من المغتربين أحزابهم وتحتل قضية فلسطين والتعديات الاسرائيلية مرتبة متقدمة على أي اعتبارات أخرى، غير ان يصل الى مرتبة الصدام مع البيئة الاغترابية الحاضنة، بل على العكس من ذلك، حيث يعتمد هذا الفريق «نموذجاً استراتيجياً»، ان صح التعبير، في قراءته، باعتبار انها «مركز الجذب» في الانشطة السياسية وان اعتبار موازين القوى مبنياً على المصالح، يتيح امكانية الحوار حول «المبادئ» باعتبارها تعكس توازنات محددة للمصالح المشتركة، وعلى سبيل المثال، لا الحصر، يشكل الوزن الانتخابي للجالية اللبنانية، بل والعربية، وأصدقائها وتحالفاتها عاملا؟ً مرجحا داخل العديد من الدوائر الانتخابية… وقد أبدى مؤيدون ومناصرون ومنضمون الى «القوات» و»التيار» ملاحظاتهم واعتراضهم على الصيغة التي يتطلع اليها قياديون، وتقوم على قاعدة «الغاء الآخر…»؟

 

يؤكد مصدر اغترابي، بالغ الأهمية والدور، ان أهم ما يجب ان يكون في هذا السياق، هو اعتماد الحوار سبيلا وحيداً لصياغة الاولويات الوطنية الجامعة والمانعة بعيداً عن مناخات التوتير والتشنج والانفعال الذي لا يفيد منها سوى الذين ينظرون الى الجاليات اللبنانية نظرة سلبية ويتطلعون اليها على أنها منافس بل خصم وعدو لما تقوم به منظمات تدين بالولاء لـ»اسرائيل»؟!

 

وفي السياق فقد شهدت جاليات لبنانية سلسلة مواجهات، كما شهدت سلسلة لقاءات واتصالات، في محاولة لصياغة «تصور مشترك» لمواجهته التحديات والاوضاع القائمة، وما يمكن ان تقدمه لمساعدة لبنان… غير ان الذي حصل من ردود فعل في أكثر من مكان، جاء نافراً وبارزاً، وقد تمثل بمواقف متشنجة ضربت أبسط القواعد والاعراف التي تتحكم بالعلاقات بين مؤسسات غير حكومية (أحزاب وقوى)، ومرجعيات رسمية.

 

يؤكد المصدر الاغترابي، ان التصعيد في الخطاب واللهجة، بين «القوات» و»التيار» كان مفاجئاً، ومبالغا فيه… خصوصاً وان أحد القياديين، (الوزير باسيل) اعتمد للتعبير عن مواقفه طريقة وأسلوباً عكست مواقف مسبقة ومتعمدة عبر عنها في أكثر من مناسبة… وقد شكل ذلك، سابقة خطيرة، كونها تمارس «العقاب الجماعي»… هذا في وقت، كان «ناشطون يهود» يوجهون تهماً سياسة في غاية من الخطورة الى أبناء الجاليات اللبنانية والعربية تحت عناوين «العداء للسامية»، وما تحمله هذه التهم من انعكاسات سلبية ومدمرة على أبناء الجاليات اللبنانية والعربية تعاني أصلاً من «التهميش» و»التمييز العرقي».

 

يلفت المصدر الى أهمية الكف عن «صب الزيت على النار» بين أبناء الجاليات هذه… لأنها تقدم خدمة لا تقدر بثمن للسياسات الاسرائيلية وتعزز دور «اسرائيل» في العمل على كم الافواه ووضع قيود على سلوكيات أبناء الجاليات هذه؟