لم يكد الحديث يبدأ عن حوار ما حول موسم الحجّ المقبل بين المملكة العربية والسعوديّة وجمهورية «الخامنئي» في إيران، حتّى عادت إيران سيرتها الأولى بعدما ردّده بالأمس صالحي أميري وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي بُعيد لقائه المرجع الديني ناصر مكارم شيرازي عن شروطٍ إيرانيّة على السعودية القبول بها لتسمح إيران لمواطنيها بأداء فريضة الحجّ.
وبحسب صالحي أميري الذي صرّح بأنّه «نظراً للدعوة الموجهة لإيران لزيارة السعودية سيقوم وفد بإطلاع الجانب السعودي على شروط إيران السبعة، ومحور هذه الشروط الحفاظ على كرامة الحجاج وأمنهم وحقوق شهداء منى وسياسات قائد الثورة الاسلامية في مجال الحجّ»، وهذا الكلام لوزير الثقافة الإيراني يعني شيئاً واحداً فقط وهو أنّ «القرامطة الجدد» في طهران ما زالوا مصرّين على تحويل فريضة الحجّ إلى مقتلة للحجيج كلّما استطاعوا إلى تنفيذ مخططاتهم سبيلاً!
مع كلّ تصريح لمسؤول إيراني عن فريضة الحجّ والأماكن المقدّسة للمسلمين، نجد أنفسنا ملزمين العودة إلى كلام مصطفى ملكوتيان أستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران وجامعة (تربيت مدرس) فرع قم والحوزة العلمية (مكتب الإعلام الإسلامي) في قم وأحد أهم مُنظّري الحرس الثوري الذي أطلقه في حديث لموقع «رجا نيوز»: «استهداف المناطق الحيوية في السعودية في غاية الأهمية، ولذلك علينا أن ندرب الثوار على كيفية صناعة الصواريخ لأجل تلك الغاية»، وبصرف النظر عن كلامه الذي تزامن مع أحداث البحرين ودخول قوات درع الجزيرة لدعم الدولة البحرينية، ها هي نفس الأجواء تخيم من جديد مع تحرّك مجموعات إيران الشيعيّة في مناطق نفوذها العربيّة وخلاياها الظاهرة أو المتغلغة في جسد الدول العربية!
قد يكون من المفيد إعادة توضيح معنى سياسات الوليّ الفقيه لموسم الحجّ، هي باختصار إطلاق التظاهرات بين الحجّاج في البلد الأمين الحرام، هذه سياسة معتمدة منذ الخميني، وسبق وأطلق حشمت الله فلاحت عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني تهديدات في وجه السعودية «إذا منعت المملكة مراسم البراءة من المشركين في موسم الحج سوف تشتعل كل أراضي المملكة»!!
برغم كلّ ما يحدث في المنطقة إيران لم تتخلَّ عن «مخططات» يصحّ أن توصف بالخبيثة، وهي لن تتخلى عن عنجهيتها وفكرة أخذ الخليج العربي والشرق الأوسط رهينة مخططات تؤسس لتحقيق مشروع فارسي استكباري يسعى لتمدّد الإمبراطورية الكسروية العظمى، كما لن تتخلّى عن «قرمطيّتها»، و»القرامطة» أخطر من تعرضوا للكعبة وبيت الله الحرام [القرامطة تنسب الى رجل اسمه حمدان قرمط وكان هذا الرجل يحمل لأتباعه ترك الفرائض الدينية وأن يتخذوا بيت المقدس قبلتهم ويحجوا إليه. وقد حلل هذا الرجل الخمر، والصوم عنده يومان في السنة: يوم عيد المهرجان ويوم عيد النيروز] وقد كتبنا مرّات عدّة عن القرامطة وما فعلوه بالحرم وحجيجه.
مجدداً، في موسم الحج لسنة 317 هـ وفي يوم التروية، هاجم القرامطة الحجيج وهم يهللون ويلبون، وقتل الحجاج قتلاً ذريعاً في فجاج مكة وداخل البيت الحرام وهم متعلقون بأستاره ويقال إنه قتل منهم نحو عشرة آلاف، طرح كثير منهم في بئر زمزم!! وعرّت البيت من كسوته، وقلع بابه، واقتلع الحجر الاسود وأخذه معه إلى هجر، وظل هناك حتى رده إلى وصفه في عهد الخليفة المطيع سنة 339 هـ.
ويقول الدكتور شوقي ضيف في كتابه العصر العباسي: لم يحج أحد منذ هذا التاريخ حتي سنة 326 هـ خوفاً من شرّ القرامطة غير أن شرّه أبو طاهر الجنابي انحسر عن العراق، إذ هاجم الكوفة سنة 325 هـ ونازلته جنود الخلافة وبات في شهر رمضان لسنة 332 بالجدري، بعدما تقطعت بسببه أوصاله وأطرافه وهو ينظر إليها»..
عسى أن لا تكون نوايا المملكة السليمة تجاه الحجاج الإيرانيّين سبباً في عودة المخطّط الإيراني إلى نشاطه الدمويّ في أرض الحرمين الشريفين.