IMLebanon

شكراً للحكماء

 

لا شك في أنّ الرئيس فؤاد السنيورة هو ظاهرة على الصعيد الوطني تجلّت صورته يوم حصار السراي الحكومي عام ٢٠٠٨، فقال له الضباط المسؤولون عن أمنه إنهم يفضلون أن يتم إخلاء السراي خوفاً على حياته فرفض، وقال لهم إنّه رجل يؤمن بالقدر فإذا كان مكتوباً له أن يموت فهذه مشيئة الله.

 

رفض أن يترك السراي ليس خوفاً على الكرسي بل لأنه مؤمن، ويعتبر أنّ المسؤولية هي مسؤولية وطنية ويجب على المسؤول أن يضحّي في سبيل الرعية خصوصاً إذا كان يؤمن بخطه السياسي والوطني، ويؤمن بالوطن الغالي على قلب كل مؤمن وكل مواطن.

 

منذ ١٠ سنوات دعا السنيورة مجموعة من خيرة الوجوه الوطنية من الطائفة السنية للاجتماع في مكتبه تحت شعار بحث شؤون الطائفة السنية والمشاكل التي تعاني منها، وفي ما بعد تطورت هذه المجموعة لتصبح «مجموعة الحكماء»، وفيها طبعاً وزراء ونواب ومفتون ورجال أعمال وأطباء ورؤساء جمعيات ورجال صحافة من لبنان كله ومن المناطق كلها… وهؤلاء يجتمعون مرة في الشهر، ويصدر عنهم بيان يتضمن توصيات وطنية تجمع بين اللبنانيين.

 

أخيراً دعا السنيورة الى تشكيل هيئة من رؤساء الحكومات السابقين يجتمعون ويتباحثون في شؤون الطائفة، والأهم أنهم يشكلون دعماً لرئيس الحكومة، والأكثر أهمية أنهم يقطعون الطريق على استفراد أي رئيس حكومة خصوصاً أنّ القوى الأخرى تريد إضعاف رئيس الحكومة واستفراده وفي بعض الأحيان استقالته لكي يضطر أن يستقيل كما حدث مع الرئيس الحريري وهو ينتظر في البيت الابيض ليقابل الرئيس الاميركي باراك أوباما وذلك في ١١ شباط ٢٠١١… ولتنشيط الذاكرة كان بطل فيلم الاستقالة جبران باسيل.

 

طبعاً بعد إنشاء هذه الهيئة أصبحت الأمور اليوم مختلفة ولم يعد من السهل استفراد رئيس الحكومة أي رئيس حكومة كان.

 

 

وبالنسبة الى الزيارة التي قام بها رؤساء الحكومات السابقون الى المملكة العربية السعودية وبعد الاجتماع الذي عُقد مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والصراحة التي تميّز بها الاجتماع فقد جرى التأكيد من خادم الحرمين على أهمية لبنان واستقراره بالنسبة للمملكة الحريصة على المساعدة في تنفيذ «اتفاق الطائف» الذي نقل لبنان من حال الحرب الى حال السلام.

 

ولا بد من التأكيد دائماً على دور المملكة في دعم لبنان على مختلف الأصعدة وهي التي لم تتخلّ عن لبنان منذ تأسيسه، وكان لها الدور الأكبر في استقراره من خلال مواقفها منذ بداية الحرب الأهلية عام ١٩٧٥ يوم «اتفاق الرياض» وتأسيس قوات الردع العربية الى «اتفاق الطائف» عام ١٩٨٩ الذي أنهى حال الاقتتال والحروب التي مرّت على لبنان.

 

وإن نسينا فلن ننسى أن ٥٠٠ ألف مواطن لبناني يعملون في المملكة بظروف عمل جيدة ويحوّلون ٤ مليارات دولار سنوياً الى أهلهم في لبنان… كما أن السياحة في لبنان عمودها الفقري السعوديون الذين وصل عددهم هذه السنة الى ٤٠ ألف مصطاف حتى الآن، ويمكن أن يتضاعف هذا العدد مع تحسّن الأوضاع الأمنية.

 

والرؤساء الذين زاروا السعودية سيواصلون حراكهم فيزورون للغاية ذاتها كلاً من مصر والإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت، وهذا نشاط مشكور لا بد أن يؤتي ثماره خصوصاً أنّ الدول الثلاث هي أيضاً تريد الخير، كل الخير، للبنان وشعبه.

 

عوني الكعكي