IMLebanon

تراكم ملفات خلافية أمام حكومة متمسكة باستقرارها

إذا لم يطرأ جديد، فقد نجحت المساعي في تجنيب حكومة »استعادة الثقة« تداعيات استحضار أزمة النازحين السوريين الى لبنان، بالطريقة التي استحضرت بها، وطغت على سطح الحدث اليومي، وشغلت الأفرقاء اللبنانيين كافة، وكشفت مدى حدّة الانقسامات بين هؤلاء الأفرقاء، وهم في غالبيتهم الساحقة شركاء في هذه الحكومة التي تجد نفسها أمام تحديات كبيرة، وأمام امتحان جدارة على أكثر من صعيد، وتحويل الأقوال الى أفعال لتكون »حكومة العهد الأولى« خلاف سائر الحكومات ولا تكون استنساخاً لها..؟!

ليس من شك في ان التنسيق العميق والصادق بين رئيسي الجمهورية العماد ميشال عون والحكومة سعد الحريري معززاً برضى الرئيس نبيه بري وعديدين، قد أفسح في المجال واسعاً أمام الاستجابة لطلب الرئيس العماد عون من الوزراء في جلسة الحكومة السابقة تجنيب الحكومة »الجدل البيزنطي« حول ملف النازحين، وكيف بدأ وما هي المخارج والحلول، وهل من بدائل عن التواصل المباشر مع المعنيين الرسميين في الجانب السوري، وكيف وبأية وسيلة يمكن معالجة هذه المسألة التي تصدرت وجه الأحداث والملفات الضاغطة على الحكومة؟. الأمر الذي ترك تداعيات ليس من المعروف حتى اللحظة، مداها وتأثيرها في الوضع الحكومي..

ما خلصت إليه الاتصالات والمشاورات، يتجه أكثر فأكثر، نحو ايداع هذا الملف بين يدي رئيس الجمهورية، خصوصاً وأن ما رافق اثارة مسألة النازحين من »مزايدات« و»رسائل في غير اتجاه« ومواقف سياسية، لم تخل في العديد منها من تناقضات.. ومع ذلك لم يستسلم »المعنيون الكبار« للأمر الواقع، والأنظار تتجه الى ان جلسة مجلس الوزراء، يوم الاربعاء المقبل، في السراي الحكومي، سوف تؤكد تفويض رئيس الجمهورية هذا الملف، الذي بدوره سيؤكد تكليفه المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم مهمة التواصل رسمياً مع الجانب السوري، لاسيما وأن المعلومات تؤكد ان الاتصالات، وعلى غير صعيد، لم تنقطع بين الجانبين، وعلى أكثر من مستوى وأكثر من موضوع..

لا أحد ينكر ان الحكومة اللبنانية – بل العهد كله – في وضع حرج للغاية.. خصوصاً وأن كثيرين كانوا يتوقعون اقلاع »قطار وثيقة بعبدا ٢٠١٧« باتجاه الترجمة العملية، من دون ان يعني ذلك، ان عديدين باتوا يتخوفون من ان يكون استحضار أزمة النازحين على النحو التي استحضرت به، وما رافقها من مواقف، مؤشراً على رغبة البعض ضم الوثيقة الى سائر الوثائق العالقة ولم يتحقق منها شيئاً يذكر.. الى حد ان البعض وصل الى قناعة خلاصتها ان المستهدف هو رأس الحكومة بعينها بهدف افشالها او على الأقل اظهار عجزها، أمام الاستحقاقات القريبة والبعيدة الداهمة والضاغطة، خصوصاً ما يتعلق بما وعدت به اللبنانيين لجهة الملفات الحياتية ابتداءً من تأمين التيار الكهربائي ٢٤-٢٤ واقرار سلسلة الرتب والرواتب كما واقرار الموازنة العامة للدولة مقرونة بقطع الحساب، بعد غياب طويل، وضبط الأمن المتفلت ومعالجة أزمة السير الخانقة وموضوع النفايات وملء الشغور في العديد من المراكز..

اللافت أنه وعشية انعقاد جلسة مجلس الوزراء، كما وجلسة مجلس النواب المقررة مبدئياً منتصف الشهر الجاري، وعلى جدول الأعمال بندي الموازنة والسلسلة، عقدت الهيئات الاقتصادية اللبنانية، جلسة طارئة برئاسة (الوزير السابق) عدنان القصار، خصص لمناقشة »الاجراءات الضريبية المنوي اقرارها، وكذلك كلفة سلسلة الرتب والرواتب (التي طالت اقامتها في الادراج) وكيفية تمويلها والأعباء التي ستتركها على المؤسسات والمواطنين« لتخلص هذه الهيئات الى اعلان »رفضها المطلق لأي اجراءات ضريبية جديدة.« لأن من شأن ذلك – على ما قالت الهيئات، »زيادة الانكماش الاقتصادي والضغوط على المؤسسات التي تعاني أصلاً من مشكلات متعددة الأوجه..«.

من حيث لم يحتسب، فقد ووجهت الحكومة، والمجلس النيابي بعارضة كبيرة.. وسيجدان نفسيهما أمام مأزق لا يقل خطورة في تفاعلاتها عن سائر المآزق، لاسيما وأن غير فريق يؤكد على وجوب اقرار الموازنة العامة قبل اقرار السلسلة، وهي، (أي السلسلة) في وضعها الحالي بكلفة ١٢٠٠ مليار ليرة، ولا اقرار للموازنة من دونها.

في قناعة عديدين من الخبراء والمتابعين والمعنيين، ان الحكومة، كما ومجلس النواب، أمام جملة تحديات كبيرة من أبرزها رفض الهيئات الاقتصادية لأي اجراءات او زيادات ضريبية جديدة.. وعدم القدرة على ادارة الظهر لتلبية »أصحاب الحقوق في السلسلة ومطالبهم«.. سواء المدنيين العسكريين منهم أمام أساتذة التعليم الرسمي وآخرين.. ناهيك بمعارضة بعض القوى السياسية لهذه السلسلة على خلفية تداعياتها الاقتصادية والمالية.. الأمر الذي يجعل السلسلة في ذهنية ترقب وحذر في انتظار تفاهم القوى السياسية على ضرورة اقرارها، لأنه من دون التفاهم السياسي، فمن غير الممكن الوصول الى خلاصات ايجابية، لاسيما وان استحقاق الانتخابات النيابية على الأبواب، ويشكل حافزاً لعديدين للاسراع في اقرار السلسلة.

الأيام القليلة المقبلة ستكون حاسمة وبالغة الأهمية بالنسبة الى معالجة الملفات المطروحة والضاغطة.. والأنظار تتجه الى ما ستكون عليه الترجمة العملية للقاء الساعتين والنصف بين الرئيسين الأميركي والروسي دونالد ترامب وفلاديمير بوتين على هامش قمة العشرين، وذلك على الرغم من قناعة البعض بأن لبنان (خصوصاً الوضع الحكومي) لا يحتمل ولا بد من ابعاد الحكومة والتماسك الحكومي عن كل التداعيات وهو لا يحتمل خضة من نوع تحويل الحكومة الى »تصريف أعمال« بالحد الأدنى..؟!