IMLebanon

أفضل ما يمكن أن يحصل عليه الإيرانيون

 

كل ما تحتاجه الولايات المتحدة لضرب إيران، شرارة فقط؛ عمل تخريبي، تحرش في زحام المياه، مناورة عسكرية فاشلة. التسخين بلغ أقصاه، وبات الوضع بلا حاجة إلى تهديد بإغلاق مضيق هرمز، ولا خطف ناقلة نفط، ولا شيء من خطابات الحرس الثوري العنترية، فالشرارة الصغيرة كفيلة بكل ذلك.

 

 

وبصرف النظر عن أسلوب استهداف السفن قبالة الإمارات، سواء كان بتفخيخ مسبق، أم بارتطام زوارق مسيرة عن بُعد، أم عبر غواصات، كل ذلك لا يهم مع عمل تخريبي يرقى إلى درجة الإرهاب، فالنتيجة هي استهداف أربع سفن وليس واحدة، وبينها سفينتان سعوديتان تنقلان النفط.

 

والنظام الإيراني من خلال أسلوبه التقليدي، سارع إلى الحديث عن طرف ثالث يريد إشعال فتيل الحرب. ربما طهران بريئة فعلاً، وربما هناك طرف ثالث يريد لعقود الحرب الباردة أن تسخن، لتنتهي إلى غير رجعة. الحديث عن المؤامرة لا يفيد أمام صراحة تصعيد النظام، وتهديدات لم تتوقف يوماً عبر مختلف واجهاته العسكرية والأمنية والسياسية والبرلمانية، ففي إيران الجميع يهدد، حتى المبتسم منهم. وإذا كان هذا الطرف موجوداً فعلاً، فقد كانت له تجربة سابقة؛ إنه تنظيم “القاعدة” عندما استهدف من أراضي إيران ناقلة نفط يابانية صيف العام 2010، وإنها استراتيجية النظام المطبقة طوال 40 عاماً، بالاعتماد على الوكلاء الخارجيين في العمليات القذرة، وقد باتت مكشوفةً وكروتاً محروقة، وسيعاقب عقاباً شديداً على أصغر أفعاله بحق واشنطن ومصالحها.

 

في أول يوم من الاعتداء، خرجت تقديرات تذهب إلى وجود طرف ثالث فعلياً داخل النظام، وصفوه بالمتطرف جداً، ربما أراد للحرب أن تندلع، أو رغب بدفع بلاده إلى خطوات أكثر جدية تواجه التهديد الأميركي. لكن الواقع يؤكد أن إيران بمنهج حكم تنفيذي واحد، الكلمة فيه للمتطرفين، هم من يسير سياسة الدولة، بأمنها وجيشها وخارجيتها، وما الأخيرة إلا واجهة معقولة عند الضرورة.

 

البصمة الإيرانية واضحة في “رسالة السفن”، وإذا ثبت تورطها فعلاً، فالتقدير أنها تختبر مدى جدية واشنطن بعد أسبوع ساخن، ولذا كانت الواقعة خارج الخليج العربي، في منطقة أقل ازدحاماً، وفرص التحرك فيها أكثر سلاسة وسرية، ولو كانت في مياه الخليج، لباتت الشرارة المنتظرة لإعلان الحرب، وعلى رغم سوء ذلك، وأثره المدمر على البلاد بنظامها وأهلها، لربما كان أفضل ما يحصله عليه الشعب الإيراني المغلوب على أمره.