IMLebanon

تحديات الاتصالات.. حداثة وحماية وشفافية

تناغم بين حرب وفضل الله في ملف الإنترنت

تحديات الاتصالات.. حداثة وحماية وشفافية

منذ أكثر من شهرين ونصف شهر تتهاوى أوراق خطيرة وتتكشف فضائح وسلوكيات مريبة في ملف الاتصالات في لبنان، حتى كاد هذا الملف يتحول الى ملف مصغّر عن صورة البلد وواقع الكثير من قطاعاته. لم يسلم شيء. سياسيون، أحزاب، موظفون رسميون، أصحاب شركات خاصة، إعلاميون ووسائل إعلام، جميعهم متورطون بالفعل أو القول أو السلوك؛ أقله، هذا ما رسخ في أذهان الناس.

لهذا السبب المضمر، ربما، ولأسباب اخرى معلنة، أنجزت وزارة الاتصالات كتيبا عنونته «تحدي الحداثة»، يفترض أن تطلقه في الأسابيع المقبلة. في متنه تفاصيل وأرقام كثيرة. فيه ملخص عن واقع الاتصالات وسياسة الوزارة ومبادراتها. وفيه تفاصيل كثيرة عن الهاتف الثابت والانترنت والهاتف الخلوي والخدمات التي تقدمها الوزارة. كما يستعرض خطة الاتصالات للعام 2020 للشبكة الثابتة، أي الانتقال من الأسلاك النحاسية الى الألياف الضوئية، كما يتحدث عن خطة الهاتف الخلوي والانتقال من الجيل الثالث الى الجيل الرابع.

لا يمكن اعتبار «تحدي الحداثة» على المستوى العلمي والتقني تفصيلا ثانويا في بلد لا تتوقف فيه الشكوى من واقع الاتصالات عموما والانترنت تحديدا. لكن تحدي الحداثة الأول، في دول العالم الثالث، يكمن في مفاهيم السياسة والشفافية واحترام القانون والالتزام بنصوصه وروحه معا.

في هذا السياق، يجوز التساؤل ماذا لو كان أي وزير آخر، غير بطرس حرب، على رأس وزارة الاتصالات اليوم؟ هل كان سينجو من كم الملفات والفضائح التي يتوالى ظهورها والكشف عنها؟

ففي موضوع رئيس هيئة «أوجيرو» عبد المنعم يوسف، لم يتوقف حرب عند ما هو متداول من دعم «تيار المستقبل»، أو الرئيس فؤاد السنيورة له. مع العلم، أن هؤلاء من أقرب حلفائه. بدا حرب حريصا على عدم «خيانة» الصورة النمطية التي يقدمها على امتداد سنواته الـ44 النيابية (باستثناء مجلس 1992 ـ 1996) وبالتالي، لن يسجل على نفسه سابقة تجاوز القانون، وهو الذي يردد ليل نهار أن أمور البلد تستقيم بإعادة الاعتبار لدولة القانون والمؤسسات.

وعندما استدعى مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود المدير العام لهيئة «أوجيرو» عبد المنعم يوسف للاستماع إلى إفادته، تمسك حرب بمرجعيته كوزير للموافقة المسبقة على الاستدعاء، وحين سلك الملف مساره القانوني سارع الى الموافقة من دون أي تحفظ.

وفي السياق السياسي نفسه، فإن اللافت للانتباه أن حرب الذي يتهم أحد عناصر «حزب الله» بمحاولة اغتياله، بدا متناغماً ومتكاملاً مع عضو «كتلة الوفاء» رئيس لجنة الإعلام والاتصالات النائب حسن فضل الله، فكان تنسيق وتعاون بينهما وتفاهم على «ضرورة أن تصل التحقيقات القضائية في كل الملفات إلى نهاياتها وليسجن كل متورط أيا كان». ويسعيان، كل من موقعه، الى الضغط لعدم لفلفة أي من القضايا المطروحة.

ومع ذلك يبقى قطاع الاتصالات، أو «ثروة لبنان النفطية» الموازية، كما يقر حرب نفسه، أمام تحديات كثيرة، أبرزها تحدي الشفافية والحقوق المتساوية والخدمات المستحقة وحماية الخصوصية الفردية، إضافة الى الحصانة الأمنية الواجبة.

فإذا كانت الوزارة تشير في تقريرها الى أن «خدمات نقل المعلومات وخدمات الانترنت السريع حاجة أساسية ورافعة من رافعات التطور الاقتصادي والثقافي والحضاري، ومكون من مكونات وسائل الإنتاج على أنواعه»، فلا يجوز بالتالي أن تكون هذه الخدمات والعاملون فيها، في القطاعين العام والخاص، في دائرة الشبهات والاتهامات.

تفتخر وزارة الاتصالات بأنها استطاعت رفع إمكانية تركيب وتوصيل 198 مشتركا في الهاتف الثابت في اليوم بين 2014 و2015، فيما كان يتم توصيل 21 مشتركا بين عامي 2012 ـ 2013. وتشير الى أن معدّل المشتركين الجدد في الانترنت هو 1061 مشتركا اليوم. وان العدد الإجمالي لمشتركي خدمات الـ DSL حتى 2015 بلغ 537.135 مشتركا. وان مداخيل الدولة من قطاع الخلوي ارتفعت 65 مليون دولار أميركي مقارنة بالعام 2013.

تعتمد الوزارة في تقريرها على الأرقام والمؤشرات، لكنها وحدها لا تكفي لتعكس صورة مشرقة عن قطاع هو اليوم في صدارة رهانات اللبنانيين وآمالهم، وتحت مجهر قلقهم من حجم ما يتم تناقله لأن حوله شبهات على كل المستويات.