IMLebanon

انهيار المفاوضات يكرّر تجربتي 2012 و2014؟ النظام يخرق الاتفاق فتتوتّر بين واشنطن وموسكو

انتقلت الصورة فجأة من أهمية المفاوضات السورية-السورية في جنيف والاتصالات المتواصلة بين وزيري الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف لمواكبة المفاوضات والسعي الى الضغط لإنجاحها- وهو لم يظهر كثيرا الى الواجهة في الجولة الأخيرة من هذه المفاوضات- الى انهيارها مع انطلاق التطورات الميدانية التي بدأها النظام السوري بجملة عمليات أودت بحياة عدد كبير من المدنيين وتطورت الى تقارير اميركية تحدثت عن قلق واشنطن من معلومات تفيد بنقل موسكو المزيد من العتاد الى سوريا وجوار حلب لدعم بشار الاسد. هذه التقارير ردت عليها موسكو في وكالتها الرسمية للانباء تحت عنوان اطلاق غير معلن للخطة “ب” في سوريا، ونسبت الى أوساط مراقبة أن الولايات المتحدة شرعت في تنفيذ الخطة “ب” التي تتضمن توفير الدعم للمعارضة السورية المعتدلة. ويبدو أن هذا الامر يعيد الامور الى نقطة الصفر رغم الكلام على تعاون واتصالات تنسيقية متواصلة بين الجانبين الاميركي والروسي على أكثر من مستوى دفاعي واستخباراتي. فالمفاوضات عادت فاصطدمت بما اصطدمت به المحاولات السابقة للتفاوض في 2012 و2014، أي حول عملية الانتقال السياسي ومصير بشار الاسد الذي قال مندوبه في جنيف إنه ليس مخولا البحث في هذه المسائل. فهل المرحلة الحالية من المفاوضات ستتوقف كما المفاوضات السابقة عند هذا الحد، وتستأنف الحرب على غرار ما حصل في المراحل السابقة؟

ليست الجولات الحالية من المفاوضات هي التي ستؤدي الى حل لسوريا، علما أنها قد تستغرق سنوات بين مد وجزر متواصلين، وفق مصادر ديبلوماسية معنية، ولكن ثمة مصلحة أكثر من السابق في استمرار العمل باتفاق وقف الاعمال العدائية وإعادة العمل به بالنسبة الى أفرقاء عدة. لذلك، ومع أن الدول الداعمة للمعارضة السورية تفهمت مواقفها، فإنها طالبتها بعدم مغادرة طاولة المفاوضات في جنيف. ولعل ذلك رغبة في إبقاء المفاوضات حية وعدم تقديم ذريعة للنظام لإفشال المفاوضات، ولكن أيضا خوفا من استئناف القتال بما يعيد ضخ موضوعي اللاجئين والارهاب بزخم إضافي، والبعض يقول لأن في المقلب الآخر من المنطقة ضغوطا تمارس من أجل إجراء مفاوضات حول اليمن، وهذه الضغوط تمارس ازاء الحوثيين في شكل خاص من اجل التزام المشاركة في المفاوضات، بحيث ان الانسجام في الموقف من المسألتين السورية واليمنية يتعين ان يوحد المعايير لجهة الضغط على كل الافرقاء من اجل التحاور والتفاوض على الحل.

وتنقل مصادر سياسية عن اوساط ديبلوماسية ان هناك مخاوف حقيقية لانهيار وقف الاعمال العدائية التي بدأت في 27 شباط الماضي. فمع أن المنسق الدولي لسوريا ستافان دو ميستورا كان أعلم مجلس الامن أن وزير الدفاع لدى النظام أبلغ روسيا ان النظام لن يعمد الى قصف المدنيين، فانه لم يتوان عن ارتكاب المجازر مجددا في خرق مقصود ومتعمد لاتفاق وقف الاعمال العدائية، كما حصل يوم الثلثاء في 19 نيسان الجاري في ادلب. وكان النظام عمد الى الاسلوب نفسه على اثر الجولة الاولى من المفاوضات حين قصف مدرسة ومستشفى في دير العصافير في 31 آذار الماضي موقعا كما في ادلب اخيرا اكثر من 30 مدنيا. وتقول المصادر إن الولايات المتحدة اصطدمت مع روسيا حول الصمت على هذه المجازر، علما أنه سبق لواشنطن ان سعت الى اصدار اعلان صحافي عن مجلس الامن يدين الاعتداءات التي يرتكبها النظام لكن عرقلته روسيا. وهذه احدى ابرز نقاط الاختلاف انطلاقا من ان الدول الداعمة للمعارضة واجهت احراجا في ابقائها على طاولة المفاوضات، في حين ان هناك التزامات سابقة بعدم استهدافها او استهداف المدنيين والقوى المشاركة في المفاوضات، وذلك في الوقت الذي رفضت فيه روسيا ادانة النظام ومنتقدة المعارضة، شأنها شأن النظام على قاعدة انها هي التي تخسر. وسعت روسيا الى تخفيف وطأة الارتكابات التي قام بها النظام قبل ايام بالضغط عليه من أجل إتاحة المجال امام وصول المساعدات لبعض البلدات المحاصرة لحجب الانظار عن المجزرة ضد المدنيين أخيرا ونقل الاهتمام الى مكان آخر، وإظهار انه ملتزم اتفاق وقف الاعمال العدائية وتسهيل وصول المساعدات الانسانية على عكس ما تقوم به المعارضة. إلا أن المشكلة أن النظام يحاول أن يمتحن القدرة على تجاوز الحدود المرسومة وينجو كل مرة بذلك، من دون أي رد فعل حازم يذكر، مما يزيد الاستياء من الولايات المتحدة التي لا تظهر قدرا من التزام اتخاذ مواقف صارمة او تنفيذ تهديداتها بوجود الخطة “ب” فعلا على الطاولة. كما تنقل هذه المصادر عن الاوساط تساؤلاتها عن إمكان ان تكون روسيا تساوم او تبتز الرئيس الاميركي باراك اوباما في المدة الفاصلة عن رئاسته. ففيما ساد منذ مدة اعتقاد أن روسيا حين أعلنت سحب جزء من قواتها من سوريا بغرض الدفع في اتجاه حل سياسي، أرادت أن تمهد لوضع الخطوط العريضة لتوافق أميركي – روسي قبل تغيير الادارة الاميركية الحالية.

ولذلك، على هامش القمة الخليجية – الاميركية، اهتمّ كثر بما هو ابعد من اصرار الرئيس الاميركي على أن لا مستقبل لبشار الاسد في سوريا.