IMLebanon

الأزمة على الضفّة والحلّ على الضفّة الأخرى

 

من مصلحة الحكم، أي حكم في أي بلد في العالم، أن يكون أساس الاستقرار هو التعاون بين مؤسسات الدولة، والتفاهم بين القيادات السياسية، وادارة الخلافات، وحتى الجذرية منها، بالحوار الهادئ البنّاء وراء أبواب مقفلة، بعيدا عن الاعلام، وتحاشيا لنكء غرائز الجمهور. وحاجة الحكم الى مثل هذه الأسس هي أكثر إلحاحا في بلد نظامه هشّ مثل لبنان، وفشل حتى اليوم ومنذ التأسيس ببناء دولة المواطنة الموحّدة لمختلف المكونات الشعبية، بديلا عن دولة الطوائف والزعامات المذهبية، والمحاصصة السياسية وغير السياسية. وما حصل منذ أيام ويحصل اليوم من تداعيات وردود أفعال. ما هو إلاّ دليل على صعود الجمر من تحت الرماد الى السطح!

 

***

لبنان الساحة لم يتحوّل بعد الى وطن. والساحة تكون دائما مفتوحة للجميع، والكل قادر على مواجهة الكلام الفجّ والخشن بكلام من طينته، ومواجهة الشارع بالشارع، والنار بالنار، والرصاص بالرصاص، وغير ذلك. والأدهى من كل ذلك ان الساحة نفسها ليست قصرا على أطراف النزال، وانما هي تعجّ أصلا بالأشباح، والعسس، وعملاء الفتنة، وسماسرة الدم، وتجار الحروب. وقد يكون لبنان بتفرّده الحالي باحاطة نفسه بسياج ينأى به عن الخراب المدمّر المتدحرج في المنطقة، قد أغضب أعداءه وكل من يضمر له الشرّ، ونصبوا الكمائن في كل مكان، ورشّوا المواد القابلة للاشتعال في الأرجاء، وكمنوا في زواياهم بانتظار أن يطلق أهل الدار شرارة الحريق الأعظم!

***

ليست المسألة في ان الكلام الخشن قيل في لقاء مغلق وتسرّب لاحقا بالصوت والصورة الى الملأ. المسألة هي في أن مثل هذا الكلام في حال وجوده ينبغي أن يبقى حبيس الصدور لدى الرجال من فئة القادة والسياسة والمسؤولية الوطنية والقومية. أما اذا حدث العكس، فقد لا يفيد اعتذار، ولا تنفع استقالة، ويبقى الجرح مفتوحا في قلب الوطن. أما الحلّ الحقيقي فليس موجودا على الضفة نفسها، وانما يتوجب البحث عنه على ضفة أخرى.