IMLebanon

مخاطر تعدّد الجنسيّات؟!

 

استقالة سعد الحريري من رئاسة الحكومة اللبنانية»، بالشكل الذي اثار العديد من التساؤلات وعلامات الاستفهام، وما لحقها من غموض وتخبط وتصرفات غريبة عن المنطق السليم، ما زالت قائمة ومستمرة حتى تاريخه، كان آخرها الاعلان ان الرئيس الحريري سيغادر الرياض وعائلته تلبية لدعوة من رئيس جمهورية فرنسا مانويل ماكرون، على ان يقوم الحريري بعدها بالتوجه الى بيروت «لتقديم استقالته»، بعدما كان الحريري اشار في اكثر من مناسبة انه سيعود الى بيروت في غضون يومين او ثلاثة، ولم يحصل هذا الامر، ازعمم ان وزير خارجية المملكة العربية السعودية عادل الجبير، قد كشف جانباً مهماً واساسياً من غوامضها، عندما اعلن امس في المؤتمر الصحافي مع وزير خارجية فرنسا جان ايف لودريان رداً على سؤال ان رئيس الحكومة السابق سعد الحريري يملك «الجنسية اللبنانية والجنسية السعودية» وهو حر في التنقل والسفر، بما يعني ان السعودية بعد استقالة الحريري، اصبح مواطناً سعودياً عادياً، لا يحق لاحد ان يتدخل في شؤونه وفي شؤون المملكة الداخلية، في حين ان رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري وجميع اللبنانيين يعتبرون ان سعد الحريري هو مواطن لبناني وهو ما زال رئيس حكومة لبنان، ويتم التعامل مع السعودية على هذا الاساس، وهنا تبدأ الاشكالية الكبيرة بين الدولتين، ويفتح الباب على مساوئ ومخاطر ان يحمل مواطن ما، مزدوج الجنسية مسؤولية اساسية تلزمه احياناً ان يختار الولاء لجنسية من الجنسيتين، والا كيف نفسر سهولة ان يغادر الحريري الى فرنسا، ويتعرقل سفره الى وطنه لبنان، وكأن طريق بيروت من الآن فصاعداً تمر في باريس. ولا يعرف بعد الآن، من اي طريق سوف يعود الى لبنان، من يعتبر ان ولاءه هو لفرنسا او بريطانيا، او الولايات المتحدة الاميركية او سوريا او ايران. من هنا على المسؤولين في لبنان وعلى هذا العهد بالذات، ان يأخذوا القرار الشجاع بعدم السماح لأي مواطن لبناني، ان يشغل منصباً رسمياً، بجميع درجاته، او ان يترشح للانتخابات النيابية، او ان يعين في وظيفة من الفئة الاولى، اذا لم يتنازل عن جنسيته غير اللبنانية، وان يقسم يمين الولاء للبنان الوطن، حماية للمصالح اللبنانية، وحماية للشخص نفسه من الوقوع في ازدواجية الولاء.

* * *

اما بالنسبة الى بيان الخارجية الفرنسية الذي ينص على ان الرئيس الحريري سيتوجه الى بيروت «لتقديم استقالته» وكأن هناك اتفاقاً غير معلن تم مع المسؤولين السعوديين، على ان الحريري يقدم استقالته دون البحث في تفاصيلها ومضمونها مع الرئيس العماد عون، بما يفتح باباً للشك والتساؤل عن خلفية هذا الامر، إن حصل خصوصاً بعد وصف الجبير الرئيس الحريري، «بالرئيس المستقيل» ما يفسر بأن السعودية لا تفكر بامكان عودة الحريري عن استقالته والبحث في مضمونها، طالما انها تضمنت الموقف السعودي، وهذا الموقف يتطابق مع ما قاله الجبير ايضاً في مؤتمره الصحافي، من ان لبنان سيشهد «عدم استقرار واخطار» اذا لم تعمد السلطات اللبنانية الى استعادة سيطرتها وسيادتها وقرارها، وتمنع حزب الله من التعدي على السعودية والدول العربية الأخرى.

المح غيوماً سود في الافق، واسمع «بروفات» لقرع طبول الحرب، او على الاقل صيحات احداث مؤلمة، امنية واقتصادية ومالية.