IMLebanon

الزيارة الصعبة

 

هل  نكتشف  البارود إذ نقول إنّ وزير الخارجية الأميركي يحل علينا ضيفاً نختلف في النظرة اليه اختلافاً جذرياً؟!

 

ومستر «بومبيو» تأتي زيارته مثل أي قضية أو مسألة أخرى من تلك القضايا والمسائل التي  ينقسم القوم، عندنا، إزاءها انقساماً حاداً!

 

فمن لا يعرف أن مارك بومبيو هو في نظر بعضنا ضيفٌ ثقيل جداً، بينما هو في نظر البعض الآخر أَخف من النسيم (بالرغم من امتلاء جسمه حتى الضخامة)؟

 

يأتي الرجل تحت عنوان كبير: كيف نوقف النفوذ الإيراني في المنطقة؟! وكيف نحجم حزب الله!

 

العنوان الكبير، بل السؤال الكبير الذي يحمله الضيف يضيف أثقالاً على الأثقال التي ينوء تحتها الكاهل اللبناني، المرهَق أساساً، خصوصاً أن امتداد السؤال يلامس الداخل اللبناني مباشرة من خلال إصرار الولايات المتحدة الأميركية على «ضبط» حراك ودور حزب الله، بهدف تحجيمه.

 

ولن يفاجئ المسؤولين عندنا ما سيثيره أمامهم الزائر الأميركي من تهم سيوجهها الى حزب الله. وقد لا يفاجئهم  ما سيطلبه منهم في نهاية أطروحته وهو: لا يجوز أن يستمر حزب الله في هذا الانفلاش الكبير والنفوذ الأكبر. فقد سبق لنائب مساعده (ساترفيلد) أن تحدث في العلن وفي الخفاء، في اللقاءات المصورة وتلك البعيدة عن الأضواء، عن ضرورة «قمع» الحزب…

 

صحيح أن موقف الزائر الاميركي الرفيع لن يفاجئ الجانب اللبناني.

 

ولكن، هل يُفاجَأ هو بالردّ اللبناني؟ وكيف سيتلقى هذا الرد الذي هو بالفعل ردّان يختلفان في الموقف من حزب الله لدى كل من الطرفين اللبنانيين! ولكن الى أي مدى سيلتقي الرئيس عون ووزير الخارجية جبران باسيل مع حزب الله في مواجهة الموقف الأميركي؟ وفي المقابل: الى أي مدى سيلتقي الرئيس سعد الحريري مع الموقف الأميركي في مواجهة حزب الله وسلاحه؟

 

وقبل أن نغرق  في التشاؤم نرى أنه يمكن  تجنب هذه التحرّكات كلها باتصالات لا نستبعد أن تكون أُجريت بين القصر والسراي الكبير، بالمباشر أو عبر الموفدين، سلسلة اتصالات لتقريب شِقي الموقف اللبناني إن لم يكن توحيد هذا الموقف.

 

وفي تقديرنا أن هذا ليس مستحيلاً. والمسؤولية الوطنية في هذه اللحظة الداخلية والإقليمية التاريخية والحاسمة، تقتضي أن يُقال لبومبيو ما سبق لكل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة أن أعلناه مراراً وتكراراً وخلاصته أن حزب الله مكوّن لبناني يمثل الشريحة الأكبر في طائفته الكريمة وهو موجود في مجلسي النواب والوزراء بإرادة شعبه، وأمّا إيران فأنتم أيها الأميركيون لماذا لا تتعاملون معها بما تطلبون منا أن نفعله وأنتم القوة العظمى، ونحن البلد المغلوب على أمره؟!

 

طبعاً، الأميركي لا يأتي  ليستمع الى أسئلة يطرحها عليه الجانب اللبناني إنما ليستمع الى أجوبة على أسئلته ولينفذ المسار الذي اختطه لنفسه رئيسه دونالد ترامب منذ أن تسلم سدّة الرئاسة. ولا يبدو مستر بومبيو في وارد الخروج على الخط ولو لخطوة واحدة، وهو الذي قد يستيقظ ذات صباحٍ على «تويت» غرّدها رئيسه ليطرده من إدارته، كما قال بفمه أخيراً؟!