IMLebanon

الباب المفتوح

 

لماذا لا يتحدثون في دول العالم الأوّل عن الفساد؟ هل لأنّه لا فساد عندهم ولا مفسدون ولا فاسدون؟

 

الجواب، ببساطة: هناك فساد وفاسدون ومفسدون في جميع أنحاء العالم… أوّل كان أو ثالثاً، برلمانياً ديموقراطياً أو استبدادياً فردياً، دينياً أو مدنياً. ولكنهم  في العالم الأوّل لا يتحول الفساد الى «قضية اليوم وكل يوم» لأنّ هناك أنظمة، وقوانين، ومساراً لضبط الفساد ومحاكمة الفاسدين من دون ضجيج. فالمسألة تأخذ مسارها الإداري والقضائي والتأديبي تلقائياً.

 

أمّا عندنا فلم يبقَ  أحدّ أو طرف أو جهة أو مواطن (…) إلاّ  أدلى، ويدلي بدلوه بين الدلاء في هذه البئر النتنة.

 

من يعرف ومن لا يعرف، من يملك الوثيقة والمستند والإسناد ومن سمع خبرية، أو تناهت إليه شائعة، أو دسّ أحدُهم «تويت»  فوصلت إليه الخ… فيختلط الحابل بالنابل! وربما يحدث ذلك قصداً وعمداً ليضيع «الشنكاش». ويبقى الأمر تائهاً بين الحقيقة والخيال، ويصبح الفساد مادة تندر وتسلية في المنتديات العفنة والسهرات المملّة.

 

هل نحن ضد كشف الفساد وملاحقة الفاسدين؟!

 

أبداً، قطعياً، بتاتاً.

 

إلاّ أننا ندعو الى سحب هذه المسألة من التداول بين من لا يعنيهم منها سوى النكايات والأحقاد، وأن يُفسح في المجال أمام الأجهزة الرقابية والسلطة القضائية لتقوم بواجبها كما يجب بالمسؤولية الكاملة وبالضمير الحيّ.

 

 

فلا يتحول هذا الموضوع الحيوي، بالغ الأهمية، الى ما أسميناه في هذه الزاوية «سوق عكاظ» ولكن من دون معلّقات لا تزال عالقة في أهداب التاريخ بعدما كانت تُعلق على أبواب الكعبة.

 

وكم كنا نتمنى لو لم تُتلَ المطوّلات وتعقد المؤتمرات إنْ لتوجيه التهم أو للدفاع عن النفس وهو حقٌ مشروع … لكنّا  وفرّنا على أنفسنا هذا الكم الهائل من الضياع والبهدلة ونشر غسيلنا القذر على حبال غسيل الداخل والإقليم والخارج.

 

وفي تقديرنا المتواضع أن التصرف الذي استدرج مديراً عاماً الى المعمعة، كان تصرفاً خاطئاً. فالمدير العام المشار إليه كان أمام احتمالات ثلاثة لا رابع لها: إما أن يدافع عنه الوزير المعني وإما أن يسكت وإما أن يتكلم. وقد تكلم مدافعاً عن نفسه.

 

وفي التقدير أيضاً وأيضاً أن عدم لملمة المسألة من التداول العام سيؤدي بالضرورة الى مزيد من المضار. لذلك لا بدّ من تركها في عهدة المرجعية الصالحة لدى أجهزة الرقابة والقضاء، كما أسلفنا آنفاً وسحبها من التداول في الشارع.

 

أمّا عدم تحقيق ذلك فسيفتح باب جهنم على مآلٍ يتعذر تقدير خطورته منذ اليوم. وتكراراً: من لديه معلومات موثقة فليذهب بها الى حيث يجب أن تكون، أي الى الجهة الصالحة تقريراً وتحقيقاً و… أحكاماً.

 

وأما وباب الفساد بات مفتوحاً على مصراعيه، فنود أن نحذر، مرة ثانية، من الانتقائية.