IMLebanon

سقوط نظام الأسد أسقط شعار «العودة الطوعيّة» للاجئين في لبنان

 

 

بعد سقوط نظام بشار الأسد في ٨ كانون الأول عام ٢٠٢٤ وانتفاء الأسباب الأمنيّة، أصبح بإمكان اللاجئين السوريين في مختلف أرجاء الشرق الأوسط والعالم العودة إلى وطنهم. وقد أكّد فخامة رئيس الجمهوريّة العماد جوزاف عون خلال إدلاء خطاب القسم أمام مجلس النواب عقب انتخابه على التزامه بتسهيل عودة اللاجئين السوريين عبر التعاون مع الحكومة السورية «لمعالجة هذه الأزمة بعيداً عن الطروحات العنصرية أو المقاربات السلبية»، والسعي إلى «وضع آلية واضحة قابلة للتنفيذ الفوري تعيدهم إلى وطنهم». المفارقة كانت في تصريحات وزيرة الشؤون الاجتماعية حنين السيد عن أن عودة اللاجئين السوريين يجب أن تكون «طوعية وآمنة» دون الإشارة الى إطار زمنّي يسري فوراً، الأمر الذي لاقى استنكاراً واسعاً من قبل القوى التي تدفع لإنجاز عودة فورية لهم.

بدايةً، يُعرَف النزوح بأنه حركة الفرد أو المجموعة من مكان إلى آخر داخل حدود الدولة، وكذلك يُعرَف النازحون بأنهم «الأشخاص الذين أجبروا على هجر ديارهم أو أماكن إقامتهم المعتادة فجأة أو على غير انتظار بسبب صراع مسلح أو نزاع داخلي أو انتهاكات منتظمة لحقوق الإنسان أو كوارث طبيعية أو من صنع الإنسان وهم لم يعبروا حدود أية دولة معترف بها دولياً». ويعرّف قانون تنظيم اللجوء رقم ٤٥ لسنة ١٩٧٤ «اللاجئ» بالشخص الذي يترك القطر الذي ينتمي إليه بجنسيته، خوفاً من الاضطهاد أو الخطر بسبب العنصر أو الدين أو عضوية جماعة اجتماعية أو سياسية، أو خوفاً من العمليات الحربية أو الاعتداء الخارجي أو الاحتلال أو السيطرة الأجنبية أو الاضطرابات الداخلية، ولا يستطيع أو لا يرغب أحداً بسبب ذلك الخوف من الرجوع إلى قطره. لذا فإن السوريين الذين لجئوا إلى لبنان هم لاجئون وليسوا نازحين.

 

وفق البيانات الرسمية اللبنانية، يتجاوز عدد اللاجئين السوريين المليونين، وقد سُجلت عودة نحو ٣٠٠ ألف منهم بعد سقوط النظام في كانون الأول الماضي. ومن الضروري الإشارة الى أن لجوء عدد من السوريّين بات يصنّف لجوءً اقتصادياً، ويقوم عددٌ منهم بزيارة سوريا بشكلٍ دوري، كما أن السواد الأكبر منهم دخل خلسةً الى لبنان للاستفادة من المساعدات التي تقدمها المنظمات الدولية والقيام بأعمال تجارية خاصة خارج الأطر القانونيّة طمعاً بكسب المال. ويقدّر الحدّ الأدنى للأجور الشهريّة في سوريا بنحو ٢٠ دولار، وهي تساوي الأجر اليومي للعامل السوري في لبنان، وبالتالي لا يرغب معظم اللاجئين السوريّين في العودة الى سوريا لدواعٍ اقتصادية واجتماعيّة وليست أمنيّة.

 

كلّ ما سبق يُسقط صفة «اللاجئ» عنهم ويحرمهم من التذرّع بحقّ الحماية من الترحيل. بناءً عليه، على الحكومة اللبنانيّة أن تصنّف طبيعة اللجوء السوري الى لبنان كلجوء اقتصادي، ممّا يسهّل عمليّة إعادتهم الى سوريا بالاستناد الى الشرعة الأمميّة التي تنصّ على أنّ كل من يغادر بلده لمجرّد أسباب اقتصادية أو شخصية، فلا توجد أسباب كافية للاعتراف به كلاجئ أو شخص بحاجة إلى حماية فرعية، وبالتالي لن يُمنح حق اللجوء.

في ضوء ما تقدّم وبالاستناد الى تغير الظروف في سوريا بعد سقوط النظام السابق، سقطت كل الحجج التي كانت تُستخدم لتأجيل عودة اللاجئين السوريين، كما شعار «العودة الطوعية». وعلى الدولة اللبنانيّة أن تضع خطّة شاملة كحلٍ استراتيجي نهائي، مع مهل زمنيّة محدّدة، تؤمن للاجئين عودة إلزامية كريمة. وعلى الحكومة اللبنانية والأجهزة الأمنية أن تتشدّد في إغلاق المعابر غير الشرعيّة، والتنسيق مع المفوضية الأممية والحكومة السورية الجديدة لضمان عودة كريمة، والتركيز على قوننة العمالة السورية للحد من المنافسة مع العمالة المحلية، والتشديد على دور السفارة السورية في لبنان لرعاية مواطنيها وتسهيل عمليات الإعادة، وتكثيف تدابير الجيش والقوى الأمنية بحق المخالفين خصوصاً لجهة الداخلين بصورة غير شرعية وغير الحائزين على الوثائق الرسمية والقانونية.

في موازاة ذلك، يجب على الدولة والقوى الأمنيّة أن تعالج مسألة دخول ١٣٠ ألف شخص إيراني وسوري دخلوا لبنان خلسة من خلال معابر غير قانونية على الحدود مع سوريا بعد سقوط نظام الأسد. وما يثير الشكوك هي الأبعاد الأمنية التي تكمن وراء بقاء هؤلاء في منطقة بعلبك – الهرمل القريبة من الحدود مع سوريا في هذه المنطقة وغالبيتهم ينتمون إلى الميليشيات الموالية للحرس الثوري الإيراني الذين كانوا متواجدين في سوريا لحماية النظام المخلوع.