انقسام وزاري يظلل المشهد الداخلي عشية الجلسة
تلف الضبابية مصير الجلسة المفصلية التي تعقدها الحكومة، غداً، لبت مصير السلاح على طول مساحة الوطن، في إشارة واضحة إلى سلاح “حزب الله”، وهو ما تحدث عنه بكل صراحة رئيس الجمهورية جوزاف عون في كلمته الأخيرة عشية ذكرى عيد الجيش . وفيما علم أن الاتصالات والمشاورات بلغت ذروتها في الساعات الماضية، فإن أحداً لا يملك جواباً بشأن مصير هذه الجلسة، وما يمكن أن تخلص إليه الجهود الجارية، لمنع انفجار مجلس الوزراء، إذا بقيت المواقف على حالها . وكشفت مصادر وزارية ل”اللواء”، أن المشاورات التي جرت قبل انعقاد مجلس الوزراء، ركزت على ضرورة عدم تعريض الحكومة لأي خضة، لا تبدو البلاد قادرة على تحمل تداعياتها، بالنظر إلى ما ينتظرها من استحقاقات داهمة على أكثر من صعيد. وفيما تكثر السيناريوهات المطروحة حيال خطوة وزراء “الثنائي”، في حال انعقاد الجلسة الحكومية التي ستبحث حكماً في موضوع حصرية السلاح، فإن المشهد الوزاري بدا عشية موعد الجلسة على درجة كبيرة من الانقسام، بين المصر على بت ملف السلاح وتحديد موعد رسمي لسحبه، وبين رافض لهذا الأمر قبل انسحاب إسرائيل ووقف عدوانها، والبدء بعملية الإعمار .
وهكذا، ومع اشتداد التجاذب الداخلي بشأن السلاح، يجد لبنان نفسه في مرمى الضغوطات الأميركية والغربية، المطالبة بحسم مصير السلاح غير الشرعي، تحت وطأة التهديد بعواقب وخيمة ليس أقلها عودة دورة العنف الإسرائيلي . وهو أمر يبدو جدياً، في ظل ارتفاع وتيرة التهديدات الاسرائيلية والأميركية، من مغبة أي تساهل من جانب الحكومة بالنسبة لمسألة سلاح “حزب الله” . وما أشار إليه الموفد الأميركي توم براك، من أن بلاده لا تستطيع تقديم ضمانات للبنان، بعدم عودة الحرب الإسرائيلية، يعتبر برأي أوساط مراقبة، بمثابة تحذير من جانب واشنطن للبنان، بضرورة استعجال اتخاذ الإجراءات الضرورية لسحب السلاح غير الشرعي، من “حزب الله” وسواه، وإلا فإن لبنان معرض لعواقب لا يستهان بنتائجها على مختلف الأصعدة.
وفي مؤشر تصعيدي، وعشيّة جلسة مجلس الوزراء المخصّصة لبحث بندٍ وحيد يتعلّق بحصرية السلاح بيد الدولة، وجهت دعوات للتظاهر تزامنًا مع انعقاد الجلسة. وقد أثارت هذه الدعوات التي أطلقها ناشطون وصحافيون وأكاديميون، تباينًا في المواقف بين من يعتبرها دعمًا للقرار وموقفًا سياديًا، ومن يراها تهديدًا لـ”الحزب”، وتعبيرًا عن رفض الضغوط الخارجية على الحكومة.
واستناداً إلى ما رشح من معلومات نقلاً عن دوائر القرار في الولايات المتحدة، فإن واشنطن لا تبدو مرتاحة إلى أداء حكومة لبنان إزاء السلاح منذ تشكيلها وحتى اليوم . وبالتالي فإن الإدارة الأميركية تترقب وبحذر ما سيصدر عن جلسة الحكومة، لكي يبنى على الشيء مقتضاه بما يتصل بهذا الموضوع الذي بات يشكل عبئاً ثقيلاً على لبنان ومؤسساته. وما تسرب من داخل الأروقة الأميركية، يشير إلى أن واشنطن تنظر بقلق إلى ما يتهدد لبنان، في حال لم يستطع أن يتخذ موقفاً مفصلياً من ملف السلاح . باعتبار أن المجتمع الدولي لا يقبل بأن يبقى الوضع في لبنان على ما هو عليه. وبالتالي فإن لبنان أمام فرصة تاريخية قد لا تتكرر، لمعالجة سلاح “حزب الله” . وهذا ما تم إبلاغه إلى كبار المسؤولين اللبنانيين في الفترة الماضية، واستناداً إلى ما شدد عليه الموفد براك في زياراته الأخيرة إلى بيروت، بانتظار طبيعة الموقف الذي ستتخذه الحكومة اللبنانية بهذا الشأن .
وتكشف المعلومات، أن الرسائل التي تسلمتها بيروت في الآونة الأخيرة، بدت على جانب كبير من الأهمية، لناحية التأكيد للمسؤولين اللبنانيين على ضرورة عدم إضاعة الفرصة المتاحة أمام لبنان، باعتبار أن السلاح غير الشرعي بات عبئاً ثقيلاً على لبنان وآن الأوان لنزعه . وهذا ما يجب على المسؤولين اللبنانيين أن يجدوا الطريقة المناسبة لمعالجته، في إطار زمني محدد، سيما وأن هناك اهتماماً دولياً بهذا الأمر، ولن يكون لبنان بمنأى عن تداعيات لن تكون في مصلحته في حال بقي الوضع على ما هو عليه . في ظل استعداد أميركي وأوروبي لتقديم المزيد من المساعدات النوعية للجيش اللبناني، ليقوم بالدور المطلوب منه، في إطار تسلم زمام الأمن على طول مساحة لبنان، بعد نزع السلاح غير الشرعي . على أن الأهم من كل ذلك، يبقى في أن تعي الأطراف الداخلية خطورة التحديات التي تواجه لبنان في هذه المرحلة، الأمر الذي يتطلب أن يضع الجميع مصلحة البلد فوق أي اعتبار، ويكون هناك تفهم لضرورة أن تبسط الدولة سلطتها، وبما يمكنها من معالجة السلاح غير الشرعي، وأن تكون وحدها صاحبة قرار الحرب والسلم، ما سيفتح آفاقاً واسعة لعودة لبنان إلى لعب دوره الطبيعي في المنطقة والعالم .