IMLebanon

من تشكيل الحكومة إلى قانون الإنتخابات

لو أردنا أن نتمعّن في عملية تشكيل الحكومات في لبنان بموجب النص الدستوري الذي إستقرّت عليه ما يُعرف بـ»الجمهورية الثانية» في لبنان، لتبين لنا أنه يستحيل التوصُّل الى إصدار مراسيم أي حكومة ما لم يكن هناك إتفاق عليها بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف.

وفي قراءة سريعة أو متأنية ( لا فرق) للمادتين الدستوريتين 53 و64 تتضح عملية التشكيل (تأليف الحكومة) على حقيقتها بسلاسة وبساطة، فالشراكة واضحة وإن كان التشكيل من صلاحية الرئيس «بالإتفاق» مع رئيس مجلس الوزراء.

وتنص المادة 53 من الدستور المعدّلة بموجب القانون الدستوري رقم 18 الصادر في تاريخ 21 أيلول سنة 1990 على الآتي: «يصدر (رئيس الجمهورية) بالإتفاق مع رئيس مجلس الوزراء مرسوم تشكيل الحكومة».

فرئيس الجمهورية هو الذي يصدر المرسوم. إلاّ ان هذا الإصدار يجب أن يتم «بالإتفاق» مع الرئيس المكلّف.

وتوضح المادة الدستورية الرقم 64 المزيد حول هذه العملية وهي تتناول صلاحيات رئيس مجلس الوزراء. والنص هو دائماً بموجب التعديل الدستوري إياه الصادر بالقانون الدستوري رقم 18 في تاريخ 21 أيلول سنة 1990. والنص هو الآتي:

«يُجري (الرئيس المكلّف) الإستشارات النيابية لتشكيل الحكومة ويوقّع مع رئيس الجمهورية مرسوم تشكيلها».

وهذا النص يؤكد على صلاحية رئيس الجمهورية في تشكيل الحكومة… وعندما وضع المشترع الدستوري النص الأول ثم النص المعدّل كان يهدف الى تحقيق المشاركة في البلد بين الطيفين اللذين يتشكّل منهما النسيج الوطني اللبناني. أي بين رئيس الجمهورية المسيحي (الذي يغطّي  المذاهب المسيحية كافة) ورئيس الحكومة المسلم (الذي يغطّي سائر المذاهب المسلمة).

طبعاً، يومها لم تكن جرثومة الطائفية فالمذهبية قد فتكت في الجسم اللبناني كما هي تفتك به حالياً.

ويومها (استطراداً) لم يكن يخطر في بال المشترع أنّ عملية التشكيل التي هي محصورة برئيس الجمهورية «بالإتفاق» مع رئيس مجلس الوزراء ستتمدّد مروحة المشاركين فيها كما يجري عندنا… فإذا بهذا الزعيم وذاك الرئيس الكتلة، وذلك الذي لم يطلع بعد من «قانون» الميليشيا وسواهم… سيكونون شركاء حقيقيين في التشكيلة الوزارية.

وهذه بدعة نعرف أن الخروج منها ليس بالأمر السهل ما لم يعتمد اللبنانيون قانوناً عصرياً للإنتخابات النيابية ينتج عنه ضخ دم جديد في شريان الحياة النيابية اللبنانية، فلا تبقى السيادة للبوسطات التي تقل ما هبّ ودبّ ممن ليسوا في العير ولا في النفير، والذين كثيراً ما تأتي نياباتهم على حساب حقوق المجتمع المدني والمرأة و»الخضر» وسائر أصحاب الأفكار النيّرة.

وإلى أن يحدث ذلك لا نستغرب أن تطول في الحقبة الأخيرة عملية التأليف… لدرجة أن التطويل (وهو الشواذ) بات القاعدة!