IMLebanon

المستقبل جعل الخلاف بين «الثنائي الشيعي» و«الثنائي المسيحي»

في الوقت الذي استحوذت التطوّرات الأمنيّة في سوريا على الإهتمام الإقليمي والدَولي، وفي الوقت الذي طغت فيه محليًا بعض التصاريح الناريّة خلال جلسات المناقشة العامة للحكومة على الملفّات الأخرى، بقيت القضيّة الأساس المُتمثّلة في إستمرار التعثّر في الوصول إلى تسوية وسطيّة على صعيد قانون الإنتخابات النيابيّة المُقبلة مدار مناقشات كثيفة بعيدًا عن الإعلام. وبعد أن كانت الأنظار مُوجّهة إلى قصر بعبدا، وتحديدًا إلى ما تردّد إعلاميًا عن إجتماع مُرتقب بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ووفد رفيع من «حزب الله» لبحث الشأن الإنتخابي، خرج مُستشار الرئيس، الزميل جان عزيز برسالة مُقتضبة على مواقع التواصل الإجتماعي أكّد فيها «أن لا صحّة إطلاقًا لكل الأخبار حول مواعيد مرتقبة أو مُحدّدة في قصر بعبدا»، بالتزامن مع إنقضاء النهار من دون حُصول الإجتماع المُفترض. فما الذي حصل؟

بحسب أوساط سياسيّة مُطلعة إنّ من تحدّث عن لقاء مُرتقب بين وفد من «حزب الله» ورئيس الجمهوريّة، وبنى «سيناريوهات» كاملة عليه، منها أنّ «الحزب» سيطلب من «الجنرال» التدخّل لدى وزير الخارجية جبران باسيل لإقناعه بالتخلّي عن «القانون المُختلط» لصالح تبنّي مبدأ «التصويت النسبي الكامل» في أي قانون جديد، يجهل تمامًا موقع باسيل الحالي في «التيّار»، وضُمن دوائر القصر الجمهوري، وكذلك لدى الرئيس عون شخصيًا، مُذكّرة بالمعارك التي خيضت لتوزير باسيل وبعمليّات الفصل والإبعاد من «التيار الوطني الحُرّ» لصالح تقوية نفوذه وتسليمه كامل مفاتيح «التيّار». وأضافت الأوساط نفسها أنّ رئيس الجمهورية أوكل ملفّ قانون الإنتخابات إلى باسيل منذ أشهر طويلة، مانحًا إيّاه سُلطات مُطلقة على صعيد القرار في هذا الصدد. وتابعت أنّه من غير المُتوقّع أن يقوم الرئيس اليوم أو في المُستقبل القريب – وتحت أي إعتبار، بسحب هذا الملف من يد وزير الخارجيّة، مُوضحة أنّ ما يطرحه الأخير من إقتراحات قوانين ليست من بنات أفكاره، إنّما خلاصة دراسات كثيفة لفريق عمل كبير ضمن «التيار الوطني الحُرّ». وشدّدت الأوساط نفسها على أنّ مختلف القوى السياسيّة لمست ميدانيًا أنّ «الكلمة الفصل» في الملف الإنتخابي مسيحيًا هي بيد الوزير باسيل، بتفويض وتغطية من رئيس الجمهورية، وبموافقة وتنسيق من قبل حزب «القوات اللبنانيّة».

وبالنسبة إلى ما تردّد عن إجتماع مُرتقب بين وفد من «حزب الله» ورئيس الجمهوريّة، أكّدت هذه الأوساط أنّ أبواب القصر الجمهوري مفتوحة للجميع، وبالتأكيد مفتوحة لمسؤولي «الحزب»، لكنّها رأت أنّ أيّ إجتماع حاسم في الملفّ الإنتخابي لن يُعقد من دون مُشاركة فاعلة من قبل وزير الخارجية. وأضافت الأوساط نفسها أنّ المعلومات مُتضاربة ما إذا كان الإجتماع الذي كان يُتوقّع حُصوله أمس قد تأجّل إفساحًا في المجال أمام مُشاركة الوزير باسيل فيه، بعد أن إختتم جولته الخارجية وسيعود إلى نشاطه السياسي لبنانيًا إعتبارًا من اليوم السبت، أم أنّ «حزب الله» قد تخلّى عن فكرة الإجتماع بعد تبلّغه طلب مُشاركة باسيل فيه من دوائر القصر الجمهوري. ولفتت الأوساط السياسيّة المُطلعة إلى أنّه وفي كل الأحوال، فإنّ الملف الإنتخابي سيكون بكامل تفاصيله وتشعّباته على طاولة مجلس الوزراء مطلع الأسبوع المُقبل، حيث سيتمّ تخصيص النقاشات خلال أوّل جلسة للحكومة للبحث في القوانين والصيغ الإنتخابية المطروحة، وفي سبل التعامل مع هذا الملفّ في ظلّ المواعيد والمهل الدستوريّة الضاغطة.

خلاف من جزءين بين «الحزب» و«التيّار»

وفي ما خصّ آخر المواقف من قانون الإنتخابات النيابيّة، أشارت الأوساط السياسيّة المُطلعة إلى أنّ الخلاف الحالي بين «الثنائي المسيحي» و«الثنائي الشيعي» ينقسم إلى جزءين، الأوّل يتمثّل في أنّ «التيّار الوطني الحُرّ» و«القوات اللبنانيّة» اللذين توافقا على «القانون المُختلط»، يتمسّكان به مع إبداء الإستعداد لتعديل الدوائر لكن وفق «مَعايير مُوحّدة»، ومع الإستعداد أيضًا للتوافق على النسبة المئويّة لكل من «التصويت الأكثري» و«التصويت النسبي» في هذا القانون، وذلك في مُقابل إصرار كل من «حزب الله» و«حركة أمل» على إعتماد مبدأ «التصويت النسبي الكامل» في أي قانون إنتخابي مُقبل، مع إبداء الليونة في مناقشة تقسيمات الدوائر الإنتخابيّة. وأضافت الأوساط نفسها أنّ الجزء الثاني من الخلاف يتركّز على مسألة التصويت الطائفي التي يُطالب بها «الثنائي المسيحي» ويُعارضها كليًا «الثنائي الشيعي»، أكانت ضمن صيغة «تصويت أكثري» أو «تصويت نسبي». وتابعت أنّ هذا الإنقسام بشأن التصويت وفق القيد الطائفي أو خارجه، ينسحب أيضًا على «الصوت التفضيلي» الذي يُطالب به «التيار الوطني الحُر» وفق معايير طائفيّة في أي «قانون نسبي» – حتى لوّ كان جزئيًا، الأمر الذي يُعارضه «حزب الله».

وشدّدت الأوساط السياسيّة المُطلعة عينها على أنّ «تيّار المُستقبل» الذي كان سرّب في البداية مُوافقته المشروطة على «القانون المُختلط» وأبلغ «الثنائي المسيحي» بذلك، ثم سرّب مُوافقته المشروطة أيضًا على «القانون النسبي الكامل» إلى «الثنائي الشيعي»، تصرّف بدهاء سياسي أو بمكر سياسي – بحسب نظرة المُتلقّي إلى «التيّار الأزرق»، حيث أنّه نجح في نقل خلاف أكثر من طرف سياسي مع «تيّار المُستقبل»، إلى ساحة مُختلفة تمامًا هي ساحة «حزب الله» – «التيّار الوطني الحُرّ»، مُبديًا في الظاهر إنفتاحه الإيجابي على كل الطروحات الإنتخابيّة، لكن مُشترطًا عمليًا «أن يكون التوافق السياسي بين كل الأطراف جسر العبور إلى قانون جديد». ورأت الأوساط نفسها أنّ الموقف المُبهم للمُستقبل، زاد هامش التباين الإنتخابي بين كل من «الثنائي المسيحي» و«الثنائي الشيعي»، في ظلّ إعتبار كل من الطرفين أنّ «التيار الأزرق» هو أقرب إلى طرحه الإنتخابي، الأمر الذي يرفع من حظوظ إقراره!

وختمت الأوساط السياسيّة المُطلعة كلامها بالتأكيد أنّ توافق «حزب الله» و«التيار الوطني الحُر»، ومعهما بطبيعة الحال «حركة أمل» و«القوات اللبنانيّة»، على قانون إنتخابي، لا يعني أنّ هذا القانون سيسلك طريقه الحتمي إلى الإقرار والتنفيذ، بسبب ضرورة مُوافقة «تيار المستقبل» ومن خلفه «الحزب التقدمي الإشتراكي» عليه أيضًا. وأضافت أنّ «التيار الأزرق» يلعب حاليًا على هذا الوتر، مُتوقًعا أن تحول نقاط الخلاف والتباعد بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحُرّ» دون التوصّل إلى أي قانون جديد، بحيث يُضطر الجميع إلى الجلوس على طاولة واحدة لبحث هذا الملفّ، بمُشاركة فعّالة من «المُستقبل» الذي يلعب حاليًا دور المُتفرّج على تنامي الخلاف بين الحليفين «منذ أكثر من عشر سنوات»، تعزيزًا لموقعه التفاوضي المُقبل!