IMLebanon

المستقبل يرفض التطبيع ومبادرة القوات

 

لا تزال القوى السياسية مختلفة حول جنس الملائكة في ملف اعادة النازحين السوريين وقد تحولت اولى جلسات الحكومة الى حلبة اشتباك عندما طرح الموضوع على بساط البحث في الحكومة اضافة الى زيارة وزير النازحين صالح الغريب الى سوريا فتكهربت الاجواء الوزارية ليتبين ان الاختلاف السياسي هو نفسه بين الفريق الداعي للتفاهم والتنسيق مع السوريين ومن يعتبر انه يهدف الى تأمين التطبيع مع النظام السوري.

 

لكن المفارقة الاخيرة تمثلت في مبادرة قواتية طرحها وزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيوميجيان، تعرضت لاطلاق نار داخلي ومن الجانب السوري اذ لم ترض المستقبل كما لم ترض حلفاء دمشق ايضا فيما يمكن القول وفق اوساط سياسية ان الخطوة اعتبرت متقدمة من وجهة النظر السياسية لانها المرة الاولى التي تسجل فيها للقوات الدخول على خط طرح الخطط لعودة النازحين كما انها شكلت تمايزا عن الحليف في تيار المستقبل الرافض لرمي النازحين في المجهول فيما يتمسك الحزب الاشتراكي بموقفه الرفضي وكان النائب السابق وليد جنبلاط في اطار ما عرف عن رفض تطبيع العلاقات السياسية يرفض ان يزور نجله تيمور جنبلاط سوريا .

 

لمبادرة القوات اكثر من نقطة ايجابية، الايجابية الاولى تتمثل باعترافها بتداعيات النزوح السوري واقترابها بطريقة مقاربة الملف من حليفها المتخاصمة معه في تفاهم معراب، وانتقال القوات الى صفوف المطالبين بترتيب العودة الآمنة، والاهم ان القوات تجاوزت ربط العودة بالحل السياسي، وكان واضحا ان خطوة القوات لقيت ترحيبا من التيار الوطني الحر الذي لا يريد العودة القسرية للنازحين بل تنظيم العودة الآمنة ملتزما السقف الدولي والتنسيق مع الامم المتحدة والمبادرة الروسية خصوصا ان حوالى 90 بالمئة من الاراضي السورية باتت صالحة وآمنة للعودة.

 

ومع ذلك فان خطوة القوات لاقت ردود فعل سلبية اذ تعتبر اوساط 8 آذار ان القوات لا تزال تتمسك برفض التنسيق مع النظام السوري وعمليا لا يمكن ترتيب العودة بدون التواصل مع دولة صاحبة الشأن في ملف النازحين وان مبادرة القوات تحصر التنسيق مع الامم المتحدة وتنيط الاجراءات بوزارة الشؤون الاجتماعية مما يطرح اكثر من علامة استفهام خصوصا ان الجانب السوري ابدى عبر قنوات سياسية واعلامية رفضه الخطة القواتية واعتبرها تدخلا في الشأن الداخلي السوري بعد ان «نصبت القوات نفسها مكان المؤسسات التشريعية السورية بطلب تسجيل الولادات السورية في السفارات والقانون رقم 10.

 

خطوة القوات كانت مثار جدل داخلي بين المؤيد والمعترض وبدون شك فان القوات حققت وثبة نوعية في الملف بطريقة مقاربته المباشرة وهي اصابت اكثر من عصفور بحجر واحد وكسبت على الاقل تأييدا في الوسط المسيحي الذي يطالب بتنظيم العودة لتكون شريكا للتيار الوطني الحر في هذا الصدد وحتى لا يكسب التيار وحده النقاط الرابحة في ملف النزوح، ولكن بالمقابل فان تيار المستقبل لا يزال متصلبا برفض العودة فلا يمكن اعادة مليون ونصف نازح بالقوة القسرية والذهاب الى مواجهة مع المجتمع الدولي، فتيار المستقبل هو الاكثر احراجا في موضوع النازحين فلا هو قادر على الاعلان الصريح عن خطة متكاملة في موضوع اعادة النازحين وتبني الخطة الرسمية لوزارة الخارجية او مبادرة القوات وفي الوقت نفسه فانه غير قادر على ان يكون في مواجهة مع الاطراف الداعية الى العودة وخلق حالة ارباك مع المجتمع الدولي.

 

بالمقابل فان التيار الوطني الحر هو الاقدر على الانخراط في هذا الملف، فالتيار يحمل لواء القضية بعد رئاسة الجمهورية دوليا وفي الداخل وسبق ان اثار رئيس الجمهورية المسألة على المنابر الدولية فيما قام باسيل بحملة سياسية واسعة مطالباً بايجاد حلول لملف النزوح السوري الخطر والمكلف على لبنان الأمر الذي جعله هدفاً لحملات الانتقاد والاتهام تارة بالعنصرية والخيانة وطوراً برفع الخطاب الطائفي.

 

بالمقابل فان رئيس الجمهورية يضغط في هذا المجال لتسوية اوضاع النازحين بعدما تبين ان المجتمع الدولي غير عابىء بهم ويرغب بتوطينهم في مناطق استضافتهم، وقد اعد التيار اكثر من ورقة سياسية لاجراءات تقليص اعداد النازحين وتنص الورقة على ان الحل السياسي هو الحل الوحيد للأزمة السورية وعلى ان الحل المستدام الوحيد لأزمة النزوح هو في عودة السوريين الى المناطق الآمنة داخل سوريا وعلى دفعات وعدم الرضوخ لنداءات من يقف في وجه هذا الأمر ، وتتضمن الورقة ضرورة تغيير المقاربة في التعاطي مع المجتمع الدولي لفرض ضرورة حماية وتحصين المجتمع المضيف .

 

الاختلاف في وجهات النظر بين بين بعبدا والسراي والتيار في مقاربة الملف فقط ، فبالنسبة الى بعبدا او التيار الوطني الحر العودة لا تحصل الا وفق الآلية اللبنانية ، فالأمم المتحدة لا تعمل على عودة النازحين الى بلادهم بل تريد توطينهم في البلاد المضيفة ، فيما التيار الوطني الحر الذي يلتزم مواقف رئيس الجمهورية لا يرى عيوباً في التفاوض مع النظام السوري لتأمين مستلزمات العودة، في حين ان تيار المستقبل يفضل ان تمر العودة عبر الأمم المتحدة وحدها متمسكا برفض التطبيع.