IMLebanon

المخرج الحكومي يتأرجح بين التسوية والمصالحة او الاعتكاف

 

بدا رئيس الحكومة سعد الحريري، ومن خلال الذين التقوه في مجالسهم غاضباً ومستاءً، لا سيما من قبل بعض الحلفاء، حيث كان يتساءل عن جدوى هذه الحملات من قبل المقرّبين والأبعدين على الحكومة، سائلاً ماذا يريدون؟ وهل يقبلون انهيار البلد لأسباب سياسية وشعبوية، وبالتالي، ومن خلال أجواء بيت الوسط، يظهر جلياً أنه قد يقدم على أي خطوة لاحقة في حال تفاقمت الأوضاع، إذ لم يلمس الرئيس الحريري، وفق أوساطه، دعماً أو تضامناً من قبل الحلفاء والأصدقاء خلال جلسات مناقشة الموازنة، والتي تحوّلت برأيهم إلى منبر ومنصة للقصف على الحكومة.

 

أما السؤال المطروح بكثافة : الحكومة إلى أين؟ وكيف سيتعاطى رئيسها بعد جلسات المجلس النيابي والحملات التي تعرّضت لها؟ وأيضاً كيف ستتم معالجة مسألة حادثة قبرشمون والبساتين التي ما زالت تشهد توتّراً وانقساماً والحلول لهذه المشكلة لا تزال تراوح مكانها، ما يعني أن رئيس الحكومة أمام محطات صعبة باعتبار أحداث الجبل غيّرت المعادلة السياسية والاصطفافات التي كانت قائمة، وليس بمقدوره أن يكون مراقباً ومحايداً، بمعنى أن الرئيس الحريري، وفق مصادر سياسية متابعة، حاول أكثر من مرة إقناع النائب طلال إرسلان عندما التقاه في بيت الوسط برفقة الوزير صالح الغريب، صرف النظر عن إحالة حادثة البساتين إلى المجلس العدلي، وترك القضاء يأخذ مجراه أياً كان المرتكبون، وبالتالي، ومن خلال عودة العلاقة إلى سابق عهدها بين الحريري ورئيس الحزب التقدمي النائب السابق وليد جنبلاط، لا يمكن لرئيس الحكومة أن يقف إلى جانب النائب إرسلان، وإن واساه حيال ما جرى أو استمرّ التواصل قائماً بينهما، ولكن هناك إشارات إقليمية، وسعودية بشكل محدّد، يدركها الرئيس الحريري بامتياز، أي أن يكون إلى جانب جنبلاط، ولا سيما في يتعرّض له من استهدافات وحملات سياسية، وصولاً الى إصرار الفريق السياسي المناهض للملكة العربية السعودية ولجنبلاط على إحالة قضية قبرشمون إلى المجلس العدلي، والتي وفق مواقفهم وتطلّعاتهم وما يملكونه من معطيات، فإن هذا الإصرار من قبل إرسلان وحلفائه له أهدافه السياسية، وباتت واضحة كما يؤكد أكثر من مصدر جنبلاطي.

 

من هذا المنطلق، فإن رئيس الحكومة بات واقعاً بين فكّي كماشة، فلا يمكنه الردّ أو معاداة «القوات اللبنانية»، وأيضاً ليس بوسعه أن «يساير» النائب إرسلان ويقف إلى جانبه على خلفية احداث قبرشمون.

 

وفي المقابل، هناك حالة تململ يعبّر عنها الرئيس الحريري مباشرة وأمام زوراه حول موقف «القوات» من الموازنة وامتناعها عن التصويت، وبناء على ذلك، فثمة تحليلات واستنتاجات كثيرة حول ما يمكن أن تكون عليه هذه العلاقة القواتية ـ المستقبلية بعد الذي جرى في مجلس النواب.

 

لذا، وأمام هذه الوقائع، ثمة أجواء عن تبدّل الصورة الحكومية بشكل دراماتيكي، إذ ان رئيس الحكومة بنفسه لم يصدق كيف انهارت حكومته وانقسمت، وتحوّلت إلى متاريس سياسية، وهي ما زالت طرية العود، وبالأمس أقرت الموازنة وهناك استحقاقات داهمة أمامها ربطاً بالموازنة، ولا سيما أموال «سيدر» المشروطة بموازنة علمية وعملية تقشفية، وهذا ما قاله مستشار مؤتمر «سيدر» بيار دوكان، إضافة إلى ترقّب المؤسّسات المالية العالمية من البنك الدولي إلى غيره لماهية عمل الحكومة والشروع بالإصلاحات، في حين أن ما جرى مؤخراً من أحداث في الجبل إلى خطابات ساحة النجمة، فذلك بات يحتاج إلى تحديد جلسة لانعقاد مجلس الوزراء، فكيف الحال للإنطلاق نحو الإصلاح والإنتاج من قبل حكومة متجهة نحو المجهول، ولا سيما أنه بات واضحاً تكبيلها بشروط في حال كانت هناك جلسة للحكومة الأسبوع المقبل، أي أن تُطرح حادثة حادصة قبرشمون ومسألة إحالتها إلى المجلس العدلي، وهذا ما قاله إرسلان لرئيس الحكومة ولكل المعنيين والمتابعين لهذه الأحداث.

 

وأخيراً، وإزاء هذه المعطيات والأجواء الملبّدة حكومياً، فإن البعض يرى أن كل الإحتمالات المرتبطة بالحكومة ورئيسها متساوية، فإما تسوية سياسية ومصالحة وحلول ترضي الجميع على خلفية أحداث الجبل، أو استمرار الرئيس الحريري بمواصلة دوره من خلال مجلس وزاري مصغّر لتسيير شؤون الناس والمتابعات التي لها صلة بالملفات المالية والاجتماعية، أو إقدامه على الاعتكاف أو الاستقالة في حال تفاقمت الأمور، أو بقيت على ما هي عليه، لأن بعض المحيطين به يردّدون أن العهد سيحمّله مسؤولية انهيار الوضع الاقتصادي، وتبدّى ذلك من خلال الصمت المطبق للجميع خلال مناقشة الموازنة.