IMLebanon

الخطيئة العظمى

 

أن تكون الاضرابات حقاً… فهذا أكيد.

 

وأن تكون الاعتصامات حقاً…  فهذا لا جدال فيه.

 

وأن تكون الحرية مصانة في الممارسة والتعبير فهذا يجب أن يكون تحصيلاً حاصلاً.

 

أما أن يتصرف أصحاب محطات المحروقات كما فعلوا، أمس، فيرفعوا الخراطيم، ويتسببوا بالقلق والفوضى و»عجقة» سير غير مسبوقة بسبب تهافت المواطنين على محطات الوقود دفعة واحدة، فهذا غير مقبول على الإطلاق، إضافة الى ما تسبب به من أضرار للناس الذين حاصرهم ازدحام المرور داخل سياراتهم وقتاً طويلاً عصر أمس.

 

وليؤذن لنا أن نعبّر، بدورنا، عن اقتناعنا، بأنّ هذه الحركة البهلوانية فائقة الضرر لا يجوز أن تمر مرور الكرام، خصوصاً أنّ القائمين بها قد تسببوا بالأذى الكبير الذي يجب أن يتحمل احدٌ المسؤولية عنه.

 

ولسنا ندري ما إذا كان بعضهم سيتقدم، هذه المرة أيضاً، من الشعب اللبناني بالاعتذار، كما فعل المرة السابقة رئيس النقابة السيد بركس الذي أقر بأن قرار الإضراب كان خاطئاً… ولكن يبدو  أن البعض يستمرئ الخطأ.

 

وأمّا هذه الموجات من تسونامي الإضرابات والاعتصامات وما يرافق بعضها من شعارات وكلام ويافطات الكثير منها خارج عن كل لياقة وأدب وحتى احترام الذات… فهذا كلّه بات نوعاً من «الموضة» التي نعرف أن الناس لا تستسيغها.

 

هذا لا يعني، بالطبع، أن الأوضاع مريحة، وأنّ «كل شيء على ما يرام يا سيدتي المركيزة». لا يعني ذلك على الإطلاق. فقد سبق لنا ولغيرنا، أن تحدثنا مطولاً عن الأزمة الاقتصادية – الاجتماعية الضاغطة جداً على اللبنانيين، بإستثناء قلة قليلة منهم… إلا أننا لسنا ممن يصفقون للذين يزيدون في طين الأزمة بلّة.

 

قلنا آنفاً إنها «موضة». ولكنها أيضاً شغبٌ  في حين،  وفوضى في أحيانٍ عديدة. وهي لم تعد مجرّد حراك حر… فعندما يتأتى منها الضرر الكبير على الناس، ويصر عليها البعض، بمن فيهم أصحاب المخططات والأجندات، فهذا يجب أن يفتح العيون على الأهداف المبيتة التي قد لا نبالغ إذا تحدثنا عن أن ثمة بين المنفذين أنفاراً من الذين يسيّرهم الخارج بالريموت كونترول!

 

ولعله يجب أن نكون على قدر كبير من السذاجة كي «نمشي» في الادعاء بأن الأمر مجرّد نخوة وهبّة تجاه المطالب التي نقرّ بأن معظمها، إن لم تكن كلها محقة.

 

ولكننا لسنا ممن ينامون على نظرية المؤامرة. فالوضع دقيق، وإن كنّا نقر بالجهود المبذولة من أجل المعالجة فإننا نرى أن ثمة تقصيراً … اذ لا يكفي اتخاذ تدبير  في ما يسمى «إصلاحات». فالمعالجة الجدية  تبدأ من حيث استشرى الفساد وتراكم المال الحرام.. وإذا  لم تبدأ المعالجة من هناك  فليس من حق أحد أن ينتقد أصحاب الحراك  حتى ولو ارتكب بعضهم أخطاء وخطايا، فخطئية التقصير في المعالجة هي الأعظم.