IMLebanon

المحرقة!

ما الجديد في اتهام وزارة الخارجية الأميركية نظام هتلر العصر بشّار الجزّار باستخدام المحرقة لإخفاء عمليات القتل الجماعي التي تنفّذ في سجونه، بل أين يُصرف هذا الاتهام؟؟ ما الجديد في حديث الخارجيّة الأميركيّة عن نظام الأسد بأنّه زوّد سجن صيدنايا العسكري في سوريا بمحرقة للجثث، كما يحتجز 70 معتقلاً في زنزانات تتسع لـ5 فقط، في مواصلة لانتهاكات حقوق الإنسان ثمّ أي حقوق إنسان التي تتحدث عنها الولايات المتحدة الأميركيّة؟! وما نفع الحديث عن استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية يهدّد أمن المنطقة فضلاً عن إقدامه على اختطاف عشرات آلاف المواطنين السوريين، وممارسته الاغتصاب والصعق الكهربائي ضد المعتقلين في سجونه، بطرق وحشية؟! هذه الجرائم الهائلة أليست مستمرّة منذ مجزرة حماه العام 1982، بل منذ ما قبلها؟!

ومن دون العودة إلى العام 1982 عندما أحرق النظام المئات من أهل حماه أحياء من الأطفال والنساء والشيوخ حتى الشيوخ مكفوفي البصر لم يوفّرهم، ومع هذا لم يهتم العرب ولا العالم بأولئك التعساء الذين وبحسب توماس فريدمان بلغ عددهم 38 ألفاً من الضحايا، ثمّ ما الجديد في تعذيب المسجونين في صيدنايا وسواه من السجون، ألم يسبق أن سمع العالم بمجزرة سجن تدمر وبالصعق والاغتصاب في السجون السوريّة؟!

منذ عامين وفي شباط العام 2015 ألم يصدر تقرير للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الانسان عن جرائم «حرق البشر» التي قام بها النظام السوري منذ انطلاق الثورة السورية في آذار 2011 وحتى تاريخه، أين الجديد الأميركي في الحديث عن جرائم نظام الجزّار بشّار؟ الصداقة الروسية مع دونالد ترامب تحمي حتى الآن نظام القتل في سوريا، بل أكثر من ذلك، الحديث عن دور روسي في دعم وصول ترامب إلى سدة الرئاسة الأميركيّة ليس ضرباً من الوهم ولا «الهزار»، وقصف مطار الشعيرات حتى اليوم يبدو مسرحية هزيلة وتلميع لصورة ترامب ليس إلا!

هذا التقرير أشار يومها إلى أن قوات النظام السوري بالإضافة للميليشيات المحلية والأجنبية استخدمت سياسة حرق البشر وهم أحياء حتى الموت، بالإضافة إلى حرق جثث الأشخاص بعد إعدامهم، منذ انطلاق الثورة السورية في العام 2011، وأنّها صعّدت من عمليات الحرق بشكل كبير خلال العام 2012، وتواصلت هذه السياسة على مدار الأعوام اللاحقة، وأشار التقرير أنّ عمليات الحرق لم تأخذ بعداً إعلامياً كبيراً لأن النظام ينكر رسمياً قيامه بهذه الأعمال، لكن بنفس الوقت تقوم مواقع الكترونية تابعة للنظام بتبني هذه الأعمال والتفاخر بها!!

يعيش العالم مأزقاً أخلاقياً وإنسانيّاً كذاك الذي عاشته أوروبا في النصف الأول من القرن الماضي عندما استخدمت المحارق للتخلّص من البشر ـ بصرف النظر عن دقّة ما يروى عن هولوكست أدولف هتلر وصحّتها التاريخيّ ـ ألم تجد أوروبا من يُنظّر لإحراق البشر أحياء قبل وصول هتلر إلى الحكم بعقود؟ ألم يقم في عام 1904 الطبيب الألماني ألفريد بلويتز بنشر أفكاره عمّا أسماه تحسين النسل البشري عن طريق تغييرات اجتماعية بهدف خلق مجتمع أكثر ذكاء وإنتاجية لأجل الحدّ من ما أسماه «المعاناة الانسانية»، بعد هذه الكتابات نشر كتاب باسم الرّخصة للقضاء على الأحياء الذين لايستحقون الحياة Die Freigabe der Vernichtung Lebensunwertem Lebens في عام 1920 للكاتب والقانوني كارل بايندنك الذي كتب الكتاب بالاشتراك مع الطبيب النفسي ألفريد هوج وكان الكتاب عن فكرة القيام بتعجيل القتل الرحيم للمصابين بالأمراض المستعصية علاجها، ولم يتم على الإطلاق في هذا الكتاب ذكر إبادة أي عرق أو مجموعة بسبب انتمائهم إلى دين معين، وبصرف النظر عن الهولوكوست، ألم تقم أوروبا بتصفية مائتا ألف من الغجر ومائتا ألف معاقٍ ذهنيّاً أو جسديّاً في إطار برنامج القتل الرحيم؟!

لكلّ عصر «هتلره»، ترك العالم هتلر يتضخم حتى أحرق أوروبا، بشّار الأسد ليس إلا «كارت» في يد الخامنئي ومن قبله الخميني وقد كان صناعة أميركيّة بامتياز؟!